فيا حسرتا على وفاة الأستاذ الشيخ كليم لله – رحمه لله-!

فيا حسرتا على وفاة الأستاذ الشيخ كليم لله  – رحمه لله-!

محمد أسامه عبد الله

ببالغ الأسى والحزن وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تلقينا سحر اليوم التاسع من شهر ربيع الأول سنة 1442ﻫ نبأ وفاة شيخنا الكريم الأستاذ كليم الله – رحمة الله عليه-، فكان لهذا النبأ أثر كبير في طلابه ومحبيه وضجة كبيرة في حلقات العلم والمعرفة كان شيخنا – رحمه الله- شيخا صالحا متواضعا، لين الجانب ومعنيا بنشر العلم و الدين، و وجدناه على طريقة السلف في الورع و التقوى و الإقبال على العبادة وذكر الله و الاهتمام  بالدعوة إلى الله والتضحية في سبيل دينه، غفر الله له وأجزل له ثوابه، والشيخ- رحمه الله – قضى حياته في حلقات التدريس و الإرشاد بعيدا عن الأضواء ومستنكفا عن الظهور إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى إجابة عن دعوته، -تولاه الله بعفوه ورحمته- ولد الفقيد – رحمه الله ـ أول خميس من شهر فبراير سنة 1940 الميلادية في قرية خليفة فارا، شكصري، التابعة لمحاظفة لوهاغارا من ولاية شيتاغونغ، وبدأت حياته الدراسية فى الكتاب المجاور لبيته في صغره، ثم التحق بالمدرسة الحسينية راجغاتا، لوهاغارا، ثم التحق أخيرًا بالجامعة الإسلامية فتية سنة 1952 الميلادية ، وقضى فيها اثني عشر سنة، يتدرس ويتعلم من المتوسطة إلى أن تخرج في تكميل الحديث سنة 1963 الميلادية ، ثم تخصص في تفسير القرآن الكريم في الجامعة ينهل من أكابر علمائها ويرتوي من مَعينها سنة 1964م ، وكان له شرف صحبة الشيخ المفتي عزيز الحق ـ رحمه الله ـ [المتوفى:1385ﻫ] سبع سنين، فخدمه خدمة ولازمه ملازمة إلى أن توفي الشيخ المفتي عزيز الحق ـ رحمه الله ـ سنة 1960م وهو يتدرس في المرحلة الثانية من العالية ، بعد أن تسلح بأسلحة العلم و العرفان خرج في نشره وخدمته فأرسله أساتذته ومشايخه إلى المدرسة النورية قاسم العلوم دلوكول ستكانية كمدرس لها، فقام الشيخ هنا سنة واحدة فقط حتى ناداه مشايخه وأساتذته  في أحضانهم  وقربوه إلى أنفسهم ، فلبّى نداءهم ودعوتهم حتى التحق بسلك التدريس بالجامعة الإسلامية فتية سنة 1966م و درس فيها معظم أمهات الكتب للمنهج النظامي السائد في شبه القارة الهندية ، فقام بخدمات الجامعة بكل إخلاص وأمانة إلى آخر لحظة من حياته ، وكان مديرا لمدرسة مفتاح العلوم، شكصري، لوهاغارا، لبضع سنين أثناء قيامه  بالجامعة الإسلامية فتية كمدرس أعلى ، وكان -رحمه الله – بايع على يد شيخ العرب والعجم الحاج يونس عبد الجبار -رحمه الله- (المتوفى:1414ﻫ) ثم بايع على يد فقيه الملة المفتي عبد الرحمن (المتوفى:1437ﻫ) في المدينة المنورة، فصار مجازا منه.

و من كرامات  الشيخ-رحمه الله- : المواظبة  والمداومة على الإسراع إلى المسجد قبل الأذان أو بعده مباشرة ، وكان قلبه معلقا بالمساجد كماورد في الحديث النبوي ، وكان يلتزم بالصف الأول في أداء المكتوبات ، وكان من شدة حرصه التوقان على العلم وشعوره بالأمانة إلى أنه كان يواظب على الحضور المبكر في الدروس ، فلا يغيب عنها ولايتأخر عن وقتها ولو لدقيقة واحدة ! وكان ـ رحمه الله ـ مولعا بالمدرسة  وأهلها حتى ترك لأجلها ملذات الدنيا ، وكان لايستطيع أن يصبر ولو للحظة على مفارقة المدرسة وأهلها. وكان له أثر بالغ في طلابه ، حتى تخرج بيده ألوف من العلماء الذين كان لهم شأن في الأوساط العلمية .

ومن صفاته الجميلة أن دروسه كانت سهلة ميسورة مفهومة لدى الأذكياء و الأغبياء ، وكان يحاول في تسهيل الدروس وشرح الكتب محاولة جادة مستمرة, والشيخ ـ رحمه الله ـ كان مثالا رائعا لمربٍ ناجح ، وكان يضحي نفسه  ونفيسه في تربية طلابه ويبذل فيه جهده وجهاده ، وكان لذلك أثر ملموس في تكوين شخصية كثير من أبناء المسلمين في ستة عقود من الزمن تقريبا، نعم، ستة عقود من الزمن تقريبا قام في مدرسة واحدة يدرس فيها ويجاهد في رقيها وازدهارها،  فهذا إن دل على شيء فيدل على أنه كان مظهرا جميلا لصفة الاستقامة و الأمانة ، وذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء. رحم الله شيخنا الغالي  وأسكنه فسيح جنانه وأنعم عليه بعفوه ورضوانه وألهم ذويه جميل الصبر والسلوان وحسن العزاء.

الكاتب: طالب الصف الثاني من العالية بالجامعة الإسلامية فتية، شيتاغونغ.

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on linkedin
LinkedIn