أصول الدعوة إلى الله وأساليبها

أصول الدعوة إلى الله وأساليبها

الأستاذ محمد صادق الله إدريس الرّحماني

التقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، خاتم النبيين محمد وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه واستن بسنته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين.

وبعد، فإن الإسلام -الشريعة الخاتمة- هو دعوة توحيد الله التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لتكون نظام الإنسانية الكامل في حياتها الروحية والمادية في كل زمان ومكان، وهذه قضية واضحة كالشمس، يستعلن وضوحها في البصائر حتى تحُلّ في كياننا محل الضرورة الفطريّة التي لاتحتاج إلى دليل.

وإن للدعوة إلى الله تعالى معالم وأصولا يجب على العلماء والدعاة إبرازها، وأساليب ومناهج يحسن الاستفادة منها، وتاريخا ينبغي شرحه والوقوف على ما فيه من عبر وعظات، وهو ما أقصد إليه في هذا المقال المتخصص في أصول الدعوة وأساليبها .

وإنه يتضمن موضوعات دعوية بأسلوب موجز،  غاية في الأهمية للداعية المسلم المعاصر؛ ليكون على بصيرة وبيّنة بما يدعو إليه، وبالمنهج الذي يحمله ليقوم بتبليغه على أحسن وجه، ويشتمل في موكب المسيرة الدعوية المعاصرة.{قُل هَـٰذِهِ سَبِیلِي أَدعُوا إِلَى ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِیرَةٍ أَنَا وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي وَسُبحَـٰنَ ٱللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ ٱلمُشرِكِینَ}[يوسف: ١٠٨].

أهمية الدعوة إلى الله:

إن الدعوة في الإسلام لها الخطوة الكبرى، والقدح المعلى، والفضل العظيم وهي أساس انتشار الإسلام وركن قيامه،ولولا الدعوة لما قام الدين، ولا انتشر الإسلام، ولولاها لما اهتدى عبد،  ولما عبد الله عابد،  ولما دعاه داع.

وأنه ما قام دين من الأديان، ولاانتشر مذهب من المذاهب، ولاثبت مبدأ من المبادئ إلابالدعوة، ولاتلاشى ومحا إلابترك الدعوة، سواء كان ذلك حقا أو باطلا.

وها نحن أولاء نرى المذاهب الباطلة تعلو وتنمو بالدعوة، والمذاهب الحقة تتضاءل وتتهاون بإهمال الدعوة فبالدعوة إلى الله- تعالى- : يعبد الله وحده، ويهتدي الناس، فيتعلمون أمور دينهم، من توحيد ربهم، وعبادته، وأحكامه من حلال وحرام،  ويتعلمون حدود ما أنزل الله وبها تستقيم معاملات الناس: من بيع وشراء،  وعقود ونكاح،  وتصلح أحوالهم الاجتماعية والأسرية،  وتتحسن أخلاقهم وتقلّ خلافاتهم،  وتزول أحقادهم وضغائنهم، ويقل أذى بعضهم لبعض،  وتعم الرحمة بين العباد،  وينتشر الأمن والسلام،  ويتحقق العدل بين الأنام،  ويتحقق للداعي والمدعو سعادة الدنيا والآخرة {وَٱللَّهُ یَدعُوا إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَـٰمِ وَیَهدِي مَن یَشَاءُ إِلَىٰ صِرَ اط مُّستَقِیم}[يونس:٢٥].

احتياج الناس إلى الدعوة من وجوه :

1 – حاجة البشرية إلى دين الإسلام : يرى العاقل أن البشرية كلها في حاجة إلى من يبصّرها بالحق ويهديها إليه،والترغيب فيه،  والاستقامة عليه، والتحذير من الباطل وآثامه،  والدعوة إلى الله تعالى كفيلة بكل ذلك.

2 – عجز العقول البشرية عن إدراك المصالح؛ لأن العقول البشرية وحدها لا تستقل بإدراك المصالح الدنيوية -فضلا عن الأخروية – ولايهتدي إلى تمييز الخير من الشر والمعروف من المنكر.

3 – تغلب الأهواء والشهوات على العقول : فإن العقول البشرية إذا اهتدت إلى إدراك الخير والشر فقد تتغلب عليها الشهوات فلابد من الدعوة لتتحقق الهداية الكاملة.

4 – اختلاف المدارك والميول حيث أنه إن خلصت العقول من أثر الشهوات فإن الإنسان يختلف في مداركه وميوله؛ لذلك كانوا في حاجة إلى دعاة ناصحين يعلمونهم ماشاء الله أن يصلح به معاشهم ومعادهم ويدعونهم إلى ما فيه الخير والسعادة.

5 – واقع المسلمين المرّ وانتشار الفساد في كل نواحي الحياة : فقد استعملوا كل أنواع الأسلحة لحرب الإسلام وأهله، وهدموا الحياة الأسرية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والسياسية واستبدلوا مجالهم التشريعي بشرائع أرضية مناهضة لها، وشككوا في المصدرين الأساسين للتشريع الإسلامي الكتاب والسنة.

حكم الدعوة:

إن الدعوة إلى الله تعالى فرض على كل مسلم ومسلمة بالقدر الذي يعلمه كل فرد،  وأهل العلم يتميزون في هذا المجال لا بأصل التكليف،  وإنما بما يحتاج في فهمه من مسائل الدين إلى فقه ومعرفة وإلمام بالأحكام وغيرها.(١)

تعريف الدعوة:

الدعوة لغة:  قال ابن منظور في اللسان: ((دعا الرجل دعوا ودعاء: ناداه،  والاسم: الدعوة،  ودعوت فلانا أي صحت به، واستدعيه…وتداعى القوم: دعا بعضهم بعضا حتى يجتمعوا …والدعاة: قوم يدعون إلى هدى أو ضلالة،  وأحدهم داع،  ورجل داعية إذا كان يدعو الناس إلى بدعة أو دين، أدخلت الهاء فيه للمبالغة ..)).(٢)

الدعوة اصطلاحا: هي((تبليغ الإسلام للناس،  وتعليمه إياهم،  وتطبيقه في واقع الحياة)). (٣) قال تعالى في بيان مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم:{هُوَ ٱلَّذِی بَعَثَ فِي ٱلأُمِّیِّـنَ رَسُولا مِّنهُم یَتلُوا عَلَیهِم ءَایَـٰتِهِ وَیُزَكِّیهِم وَیُعَلِّمُهُمُ ٱلكِتَـٰبَ وَٱلحِكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبلُ لَفِي ضَلَـٰل مُّبِین} [الجمعة—٢].

وقوله تعالى: { یَتلُوا عَلَیهِم ءَایَـٰتِهِ}تبليغ لهم ما يوحى إليه من ربه، وقوله تعالى: { وَیُزَكِّیهِم وَیُعَلِّمُهُمُ} تعليم لهم وتربية على المبادئ الصحيحة التي جاء بها الوحي،  وقوله تعالى: {وَیُعَلِّمُهُمُ ٱلكِتَـٰبَ وَٱلحِكمَةَ }تربية وتطبيق لتعاليم الدين فيما بينهم.(٤)

موضوع الدعوة:  هو الإسلام الذي يدعى الناس إليه في ضوء الوحي.

الإسلام في اللغة : مشتق من الاستسلام وهو: الخضوع والانقياد والتسليم والإذعان، وسمي المسلم مسلما لخضوعه وانقياده لما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وفي الاصطلاح: هو الدين السماوي الخاتم الذي ارتضاه الله تعالى للبشرية جمعاء وجاء به محمد صلى الله عليه وسلم.(٥)

وهو المراد من قوله تعالى : {ٱلیَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِینَكُم وَأَتمَمتُ عَلَیكُم نِعمَتِي وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلإِسلَامَ دِینًا }[المائدة: ٣].

مبادئ الإسلام الأساسية:

(أ) جانب الصلة بالله تعالى : تتمثل هذه المبادئ في الدعوة إلى الإيمان بأركانه الستة والدعوة إلى الإسلام بأركانه الخمسة.

(ب) جانب الصلة بالنفس: تتمثل هذه المبادئ في الدعوة إلى إعطاء النفس البشرية حقوقها المادية والمعنوية والاهتمام بواجباتها وأداء وظائفها،  والتحذير من إنكار التوازن بين الحقوق والواجبات.

(ج) جانب الصلة بالآخرين:  تتضح هذه المبادئ من خلال دعوة الإسلام إلى برّ الوالدين، وصلة الأرحام، والعناية بالأهل والأولاد، وحسن الجوار، والرحمة بالضعفاء واليتامى والمساكين، والتآخي والتعاطف والتحابّ بين المسلمين، وبذل النصيحة،  والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعدل والمساواة بين الناس، ومعاملتهم بالخلق الحسن.

أهم أهداف الدعوة:

الأوّل: تعريف العباد بخالقهم، وحقه عليهم، وحقهم عليه: إن الإنسان بطبيعته فقير إلى غيره، وهو أفقر إلى خالقه ممن سواه، فإذا فقد الصلة بالله،وجهل خالقه وحقوقه حصل في النفس البشرية ضياع، وأصبح فيها فراغ، وحدث فيها قلق لا تستقر معه النفس.

الثاني: نشر الخير والصلاح وقطع دابر الشر والفساد:بكل ما في كلمتي الخير والصلاح من معنى وعمل؛ فإن الإسلام يأخذ به ويدعو إليه، وبكل ما في كلمتي الشر والفساد من معنى.

وعمل؛ فإن الإسلام يأباه …وينهى عنه، قال تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ یَأمُرُ بِٱلعَدلِ وَٱلإِحسَـٰنِ وَإِیتَاي ذِي ٱلقُربَىٰ وَیَنهَىٰ عَنِ ٱلفَحشَاءِ وَٱلمُنكَرِ وَٱلبَغي یَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ}[النحل: ٩٠]،وقال تعالى: {ِ یَأمُرُهُم بِٱلمَعرُوفِ وَیَنهَىٰهُم عَنِ ٱلمُنكَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّیِّبَـٰتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیهِمُ ٱلخَبَـٰىِٕثَ وَیَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَٱلأَغلَـٰلَ ٱلَّتِي كَانَت عَلَیهِم فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُوا ٱلنُّورَ ٱلَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَـٰىِٕكَ هُمُ ٱلمُفلِحُونَ}[الأعرافـ ١٥٧].

الثالث: تعارف الشعوب وتوحيد الأمم ونشر السلام بينهم: إن من أعظم غايات الإسلام وأهدافه: تعارف هذه الشعوب المنتشرة على سطح المعمورة، وتقاربها… وتوحيد هذه الأمم تحت راية توحيد الخالق، وتفاهمها {یَـٰأَیُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقنَـٰكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَىٰ وَجَعَلنَـٰكُم شُعُوبا وَقَبَاىِٕلَ لِتَعَارَفُواإِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ ٱللَّهِ أَتقَىٰكُم إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیر}[الحجرات: ١٣].

من آثار الدعوة:

  • إحقاق الحق ودحض الباطل.
  • انتشار العدل ورفع الظلم.
  • انتشار الصلاح، وقطع دابر الفساد، واتقاء النقمات الإلهية.
  • انتشار الخيرات ونزول البركات.
  • انتشار الإخاء والأمن والسلام.
  • سعادة العباد في الدارين.

مصادر الدعوة:

والمصادر التي تقوم عليها العملية الدعوية والتي ينبغي على الدعاة الإلمام بها ومعرفة خصائصها وسبل الإفادة منها كالتالي:

المصدر الأول: القرآن الكريم.

تعريف القرآن الكريم:هو كلام الله المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بلسان عربي مبين، المكتوب في المصاحف، والمنقول إلينا نقلا متواترا، المتعبد بتلاوته، المعجز في لفظه ومعناه، المتحدي بأقصر سورة منه، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس.

من مزايا القرآن الكريم:

الربانية.. الكمال.. الوضوح والإبانة.. الشمول؛ حيث احتوى على شريعة عامة للبشر فيها كل ما يسعدهم في  الدارين.. التوازن والانسجام.. القابلية للتطبيق.. تكفل الله بحفظه… الإعجاز بأنواعه…الثبوت القطعي.. جاء مؤيًدا ومصدقا لكل الكتب السماوية السابقة عليه، ومهيمنًا عليها.

لقد كان القرآن -وما يزال-منارا للدعوة وحصنا حصينا للدعاة،ومنزلته في الدعوة إلى الله تعالى معلومة لكل مسلم يتلوه ويتدبر آياته، والقرآن بذاته دعوة الإسلام الكبرى؛ بمااشتمل عليه من أخبار ووقائع وما فيه من شرائع وأحكام وعلوم إنسانية، وتوجيه للكون ودراسته، بكل ذلك داعيا للإيمان بالله ورسله، كان كافيا للدعوة إذا أحسن بيانه.

وخير النماذج للداعية الإسلامي هي ما قصه القرآن الكريم من قصص الدعوة والإنذار والتبشير، وما صوره من نماذج عملية نفسية كانت أو اجتماعية أو أدبية، وما ذكره من حوار الأنبياء السابقين مع أممهم ومواجهتهم والرد عليهم، وكيف عرضوا دعوتهم على أقوامهم، وماالأسلوب البليغ المؤثر المثير الذي اتبعوه في ذلك، وكذلك دعوة المصلحين من غير المسلمين كمؤمن آل فرعون، وصاحب موسى عليه السلام،والمرسلين من أتباع نبي الله عيسى عليه السلام،وهدهد سليمان عليه السلام، ودعاة الجن، كلها نماذج مؤثرة في القلوب، ساحرة للنفوس.وكل هذه الأمور دعائم لا تقوم الدعوة إلا بها، ولا يمكن للداعية الاستغناء عنها في جميع أحواله،وقضية الغاية التي تدور حولها القرآن هي الهداية قال تعالى:{وَكَذَ ٰلِكَ أَوحَینَا إِلَیكَ رُوحا مِّن أَمرِنَا مَاكُنتَ تَدرِي مَا ٱلكِتَـٰبُ وَلَا ٱلإِیمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلنَـٰهُ نُورا نَّهدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِن عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهدِي إِلَىٰ صِرَ اط مُّستَقِیم صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرضِ أَلَا إِلَى ٱللَّهِ تَصِیرُ ٱلأُمُورُ}[الشورى: ٥٢-٥٣].

والمطالع لبعض آيات الدعوة في القرآن الكريم يرى الإيجاز والإعجاز فيها سعة وعمقا، مع عدم تعرضه لأحكام تفصيلية في موضوع الدعوة عموما،غير أنه أحاطها بسياج واسع وذلك واضح في قول الله تعالى:{ٱدعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلحِكمَةِ وَٱلمَوعِظَةِ ٱلحَسَنَةِ وَجَـٰدِلهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِٱلمُهتَدِینَ}[النحل:١٢٥].

المصدر الثاني: السنة النبوية.

السنة في اللغة: الطريقة، ويقصد بسنته صلى الله عليه وسلم طريقته التي كان يتحراها في حياته. وهي كل ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير غير القرآن، وهي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي : (( تركت فيكم ما إن اعتصمتم به، فلن تضلوا أبدا: كتاب الله وسنة نبيه )).    [رواه الحاكم ].

مكانة السُّنَّة من القرآن الكريم:

تأتي السنّة موافقة للقرآن الكريم، مثل الأمر بالصلاة والنهي عن القتل العمد. وتأتي السنة مبينة لماجاء مجملا في القرآن الكريم ومفصلة له (مذكرةتفصيلية).

وقد تأتي بأحكام تشريعية لم ترِد فى القرآن، مثل : تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال من دون النساء، وتحريم اْلجمع  بين البنت وعمتها، والمرأة وخالتها.

من خصائص السُّنَّة النَّبوية:

أنها نوع من الوحي.. اتصال السند.. الحفظ من الضياع.. العصمة من الخطأ في التشريع .

وهي مجال خصب للدعاة في استشهادهم بنصوصها ووقائعها، واستلهام المناهج الدعوية المناسبة لبيئة المدعوين، والوسائل الملائمة لهم.

المصدر الثالث: السيرة النبوية.

السيرة تعني: الطربقة، والحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره، والسيرة النبوية هي، تاريخ حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبيان طريقته فيها، وسيرته هي التطبيق العملي للكتاب والسنة.

من خصائص السيرة النبوية:

الشمول  –   الحفظ   –   العملية   –   إمكانية الاقتداء.

يجب على العاملين في حقل الدعوة فهم سيرته صلى الله عليه وسلم فهما صحيحا، نظرا لاختلافها من مواطن لآخر؛ فقد تكون بعض أعماله تشريعية موحى بها، وبعضها بصفته قاضيا يفصل بين المتنازعين، وثالثة بصفته قائدا وإماما،ولكل نوع من هذه التصرفات دلالته وأحكامه، قال تعالى: {لَّقَد كَانَ لَكُم فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَة لِّمَن كَانَ یَرجُوا ٱللَّهَ وَٱلیَومَ ٱلاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرا}[الأحزاب:٢١].

المصدر الرابع: سيرة الخلفاء الأربعة.

لقد وصفت خلافتهم (أبوبكر وعمر، وعثمان، وعلي -رضي الله عنهم-) بالخلافةعلى منهج النبوة، وهم أفضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم، وتعتبر سنتهم وسيرتهم امتدادا طبيعيا لسنة رسول الله  صلى الله عليه وسلم وسيرته،  وتطبيقا عمليا لمنهج الله ورسوله.

المصدر الخامس: وقائع العلماء والدعاة في ضوء تلك المصادر.

تعد تجارب العلماء والدعاة، وتصرفاتهم في الوقائع الدعوية مصدرا مهما من مصادر الداعية؛يعينه على فهم المصادر السابقة، واستنباط الأحكام منها؛ لأنها تطبيقات عملية لمنهج الله ورسوله.

فلا يصح التغافل عنها ولا يصح تنزيهها عن الأخطاء والسلبيات؛ لأن الدعوة -بجانب كونها نصوصا شرعية وأحكاما فقهية- أفهام بشرية، واستنباطات علمية، وموازنات دقيقة لايحسنها إلا الدعاة العاملون في حقل الدعوة، وهم أعلم الناس باحتياجات عصرهم والأساليب النافعة فيه.

المصدر السادس: العلوم الإسلامية والمعارف الإنسانية

ويشمل جملة العلوم الإنسانية التي تتطلبها الحياة الإنسانية من علوم القرآن والسنة وعلوم اللغة العربية والعلوم اللسانية والطب والفلك والفلسفة، وكل فن من فنون العلم والمعرفة في ميادين الحياة المختلفة. (٦)

المراجع والمصادر:

(1) راجع مفصلا: أصول الدعوة ومناهجها دراسة تأصيلية تحليلية.إعداد: الدكتور رمضان محمد مطاريد والدكتور محروس محمد بسيوني، والدكتور نبيل محمد درويش(بي دي إف) ص٣٤-٤٤.

(2) ينظر: لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور،(دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ١٤١٩ه.) مادة:((دعا)).٥/ ٢٦٧ – ٢٧٠.

(3) انظر: المدخل إلى علم الدعوة، محمد أبو الفتح البيانوني(ط: ٤، دار الرسالة العالمية-بيروت، ١٤٣١ه.)ص:١٦-١٨.

(4) نصوص الدعوة في القرآن الكريم ـ دراسة تأصيلية. حمد بن ناصر العمار (ط. ٢، دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، ٢٠٠٢م.) ص٤٠.

(5) يراجع: مقال”دور الإسلام في إقامة الأمن والسلام في المجتمع”، صادق الله الرحماني(مجلة الثقافة، مؤسسة للأبحاث القرأنية ـ داكا ، العدد: ٤) ص ٣٨.

(6)أصول الدعوة ومناهجها-دراسة تأصيلية تحليلية. مرجع سابق، ص: ٤٥—٥٠. بتصرف كبير.

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on linkedin
LinkedIn