حنين المسجد البابري في الهند، فهل أحد يمسه، ليسكِّنه؟

حنين المسجد البابري في الهند، فهل أحد يمسه، ليسكِّنه؟

الاستاذ سليم الدين الـمهدي القاسمي

(أيها القاري الحبيب! هل نسييت حنين اسطوانة الحنَّانة؟ نعم، لعلك لم تنس و تذكرت جيدا، وهو الجذع الذي حنَّ لرسول الله ﷺ وكان يخطب عنده الجمعة، عند ما قرَّر تركه إلى حيث وُضع له المنبر الجديد… فحنَّ الجذع مرّات وبأصوات عالية حتى خاف الناس، فأقبل رسول الله ﷺ حتى مسَّه بيده، فسكن. وهكذا، يحن المسجد البابري في الهند، للمسلمين، فهل أحد يسمه بيده، ليسكّنه؟)

المهانة الإنسانية في الدولة الهندية:

من المعلوم لدى الجميع أن الهند دولة علمانية،و بلد محايد ديني و المسلمون هناك كأقلية و في الآونة الأخيرة يتمتع “(حزب  الشعب بهاراتيا جاناتا”،)

في السلطة مضاعفة متتالية. ومنذ تولي السلطة للمرة الثانية، تعرضت الأقليات للاضطهادالشديد، والمظالم الكثيرة. ومن الأسف الشديد أن قائمة المظالم والاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في الهند طويلة جدا. فإذا استمرت مثل هذه الأنشطة المعادية للإنسانية فستضطر الأقليات في البلاد، وخاصة المسلمين ، إلى فقدان دينهم وتاريخهم وتراثهم.وسيتم تأسيس الهندوسية هناك،و لم يبق شئ من العلمانية. وذلك يشكل تهديدا رئيسيا للمجتمع الإسلامي في الهند لذلك ، فعلى العالم الإسلامي أن يفكر في هذاالأمر من الآن، وأصبح الضغط على الحكومة الهندية  مطالبًا مناسبًا للوقت الراهن من خلال الاجتماع الطارئ ل “منظمة التعاون الإسلامي”

فقائمة المظالم ببعضها فيما يلي: فأولاً تم إلغاء استقلال كشمير بإلغاء الدفعة 370 من الدستور بعد ذلك تم ترتيب بناء معبد رام بدلاً من المسجد البابري التاريخي من خلال حكم المحكمة العليا.و آخيرًا تم “قانون تعديل المواطنة”

و في وقت لاحق ، يرتب “السجل الوطني للمواطنين”

وبموجب هذا القانون سيتم حرمان المسلمين من الجنسية في الهند. فخلاصة الكلام أن المسلمين في الهند على خطرعظيم، وخوف كبير- أعاذهم الله ورعاهم-

فنحن اليوم هنا نبحث عن تاريخ المسجد البابري التاريخي، ووضع التماثيل هناك في 1949م من الميلادي، وحادثة هدم المسجد في 1992 م، ثم نذكرتحليلا بنائيا لقرار المحكمة العليا في 2019م ، وما إلى ذلك، (إن شاء الله).

موقع المسجد البابري التاريخي:

المسجد البابري التاريخي يقع في مدينة أيوديا في ولاية أوتر براديش، من الهند، وكان من أكبر المساجد في ولاية اوتر براديش. وفقا لنقوش المسجد، فقد بني في 1528-2929 (935 هج) من قبل ميرباقي، بناء على أوامر من الإمبراطور المغولي ظهير الدين بابر مؤسس الإمبراطورية المغولية في الهند والذي سمي باسمه.

نبذة من تاريخ المسجد:

حسب ماكتب ويكيبيديا، أن ذلك المسجد يسمى المسجدالبابري نسبة إلى “بابر” أول إمبراطور مغولي حكم الهند، وقد أنشأه نائبه في عام 1528م، وكانت توجد على مختلف أجزاء المسجد نقوش عربية وفارسية تدل على هذا الأمر. ولكن الهندوس يعتقدون أن المسجد أقيم على مسقط رأس الإله راما، وأن الإمبراطور بابر هدم معبدًاهندوسيًا كان قائمًا على المكان ثم بنى مسجدًا عليه. ظل المسلمون في مدينة أيوديا يصلون في هذا المسجد دون انقطاع لأربعة قرون إلى أن بدأت المشاكل للمرة الأولى عام 1855م خلال عهد الأمير واجد علي شاه حاكم إقليم أيوديا حين ادعى الهندوس للمرة الأولى أن جزءًا من فناء المسجد يحتوي على المكان الذي ولد فيه الإله الهندوسي راما. وكان الإنكليز آنذاك يثيرون القلاقل في الإقليم ليبرروا استيلائهم عليه، خصوصًا إبان ثورة الهند الكبرى في عام 1857م وشجعوا على وضع كتب تاريخية تقول إن بابر هدم المعبد الهندوسي الذي كان قائمًا في المكان حيث مسقط رأس الإله راما، ثم أنشأ عليه مسجدًا. وثارت المشكلة مرة ثانية عام 1885م حين حاول كاهن هندوسي أن يقيم سقفًا فوق المنصة التي كان الأمير واجد علي شاه قد سمح بإنشائها في فناء المسجد (1855م). واعترض المسلمون على ذلك ولجأوا إلى المحكمة العليا التي أصدرت في عام 1886 حكمًا لصالحهم. وكان رئيس المحكمة هندوسيًا من البراهمة وفي عام 1934م ثارت اضطرابات طائفية بين الهندوس والمسلمين في أيوديا، ونتجت عنها أضرار بالمسجد، أصلحتها الحكومة البريطانية. وفي عام 1936م ثار خلاف بين المسلمين أنفسهم، فزعم الشيعة أن المسجد لهم بينما زعم أهل السنة أنه لهم، وحكم مدير الأوقاف حينذاك انه “مسجد سني” لأن منشئه كان “سنيًا” والمسجد من هذه الناحية القانونية يتبع هيئة الأوقاف السنية في ولاية أوتار براديش.

الجذور القريبة لمشكلة المسجد :

وأما قضية المسجد البابري الحالية فتعود إلى حادثة وقعت ليل 22-23 كانون الأول  1949م، حين توجه كاهن هندوسي، إسمه أبهيه رام داس، ومعه نحو خمسين من تلامذته ومريديه، فتسلقوا جدران المسجد تحت جنح الظلام ووضعوا تماثيل راما داخل المسجد، وانطلقوا في الصباح يبشرون بأن “الإله راما ظهر في المسجد”. واستغل مأمور البلدة القضائي سلطاته فعين حارسًا هندوسيًا على مبنى المسجد وكاهنًا رسميًا على نفقة الحكومة، وأمر المسلمين بأن لا يقتربوا أكثر من مسافة 200 ياردة من المسجد “خوفًا على الأمن”.  ولم تلغِ الحكومة قرار المأمور القضائي، واكتفت بمنع المسلمين والهندوس من المساس بالمبنى وتغيير معالمه لجأ المسلمون إلى المحاكم، وأيدت الحكومة موقفهم في المحكمة كما يتضح من ملفات القضية. ولكن المحكمة اكتفت بوضع قفل على باب المسجد من دون إصدار حكم حول ملكية المسجد، وظل المسجد تحت وصاية الكاهن الهندوسي.

حادثة هدم المسجدالمأساوية:

في تاريخ 6 ديسمبر بعام 1992قا م 15.000 هندوسي متعصب بهدم المسجد أمام أنظار العالم وهم من أتباع منظمة بهارتيه جنتا بارتي المنظمة الهندوسية المتعصبة التي وصلت إلى سدة الحكومة في الهند  سنة  1998م، ثم منذ سنة 2014م  إلى  الآن.

وظل المسلمون منذ ذلك الحين يطالبون بإعادة بناء المسجد، بينما واصل الهندوس المطالبة ببناء معبد في الموقع الذي يقولون إنّ معبودهم راما قد ولد فيه.

تسليم الموقع للهندوس:

ووصلت القضية إلى المحكمة العليا بعد أن مرت عدة محاكم، فالآونة الأخيرة قضت المحكمة العليا في الهند، و حكمت في 10 نوفمبر 2019 م بمنح ملكية الموقع للهندوس و تخصيص مكان آخر لبناء مسجد للمسلمين. وعقب صدور الحكم رفض المسلمون الحكم و طالبوا بالإستئناف.

تحليل بنائي لقرار المحكمة العليا في الهند:

فالقرار مشتمل على حوالي أحدعشر مائة صفحات، فمراجعة هذا القرار يمكن توزيعهاإلى أربعة جوانب. ثلاثة منهاراجعة إلى إيجابية للمسلمين. وواحدة منهاراجعة إلى سلبي للمسلمين.

فالجانب الأول، أن القراراتضح بأن المسجدلم يبن على أي معبد، كمازعمه الهندوس المتطرفون، فقال رئيس القضاة رانجان جوجوي، أن “القرار جاء بالإجماع، وأنه اتخذ بناء على مسح أثري للهند”. وأضاف جوجوي: “أن المسجد لم يُبنَ على أرض شاغرة، وكذلك لم يبن على هدم أي معبد، كما أن الهندوس المتطرفين يدعي أن المسلمين هدموا في القرن السادس عشر، معبدا للملك “راما” وبنوا مكانه المسجد البابري. وأوضحت المحكمة العليا تلك القضية، بأنها كانت دعاية خاطئة من قبل البرطانية، لخلق الصراع بين الهندوس والمسلمين فالآن أصبحت من الواضح مثل الشمس في ظلام الليل.

وجانب آخرإيجابي للمسلمين، أن المحكمة العليا اعترفت بأن وضع التمثال في داخل المسجد كان غيرقانوني،فأصبح دعواهم كاذبا بأن “الإله راما ظهر في المسجد”.بل الهندوس المتطرفون وضعوا تماثيل راما  داخل المسجد، وقدكان غيرقانوني.

ومن جانب آخرإيجابي للمسلمين، بأن المحكمة اعتبرت أن هدم المسجد كان عملا ضد القانون . فالمسلمون لم ينقضواالقانون بل الهندوس المتطرفون، هم الذين نقضوا القانون بهدم المسجد، فلذلك، يتعين عليهم تحمل مسؤولية قتل الآلاف من الناس عام 1992م.

وفي هذاالقرارجانب سلبي أيضا للمسلين، ورغم كل شيئ، أن المحكمة العليا الهندية قضت، بأحقية الهندوس في موقع المسجد البابري التاريخي شمالي البلاد، وأمرت بتخصيص أرض بديلة عنه للمسلمين.

انطباع المسلمين بعدقرار المحكمة العليا:

فرفض المسلمون هذاالجانب السلبي، وأعلن  “مجلس قانون الأحوال الشخصية لعموم مسلمي الهند”  (وهو هيئة خاصة تعمل على حماية المسلمين في الهند) أن قرار المحكمة العليا بمنح الهندوس الأحقية في موقع المسجد البابري، بمدينة أيوديا “غير مفهوم” ولذلك يحتاج إلى المراجعة.

وقال ظفرياب جيلاني، سكرتير مجلس قانون الأحوال الشخصية لعموم مسلمي الهند ، بعد اجتماع للمجلس: “قررنا تقديم التماس لمراجعة الحكم قبل التاسع من ديسمبر (نهاية الفترة المخصصة للإجراء ومدتها شهر من تاريخ صدور الحكم).

فالآونة الأخيرة  أن المسلمين يطالبون ببناء مسجد جديد مكان “بابري”، الذي يعود تاريخه إلى عام 1528. ورفضوا قطعة الأرض البديلة التي تبلغ مساحتها 5 أفدنة، التي طلبت المحكمة العليا من الحكومة تخصيصها لمسجد .لأن المسلمين يعتقدون أننا نريد العدل والإنصاف في المحكمة ،و لم نكن نريد قطعة أرض من التبرعات.

فأخيرًا نقول: كما قال: عبد المطلب، جدرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبرهة-صاحب الفيل- “أما النوق فأنا ربها، وأما الكعبة فلها رب يحميها “.فالآن مسلموالهند معذورون، لأنهم الضعفاءوالعاجزون، وهم الأقلية في الهند، فلايسطيعون أن يدافعوا عن المسجد البابري، ولكن قلوبهم مجروحون وأفئدتهم محزونون، وهم الذين يدعون الله تعالى ليلاونهارا، خوفا و طمعا، بأن يرسل الله- سبحانه وتعالى- عليهم طيرًاأبابيل، ترميهم بحجارة من سحيل.

نداءحارإلى الأمة الإسلامية!

 أيتها الأمة الكريمة! في الوقت الذي تعاني منه الأمة الإسلامية من مظالم الكفار، واضطهادهم، كما يجب علينا أن نغير سيرتنا، وأن ندخل في الإسلام كافة، وأن نتخلق بخلق نبينا محمد، (ص) سيدالأنبياء والمرسلين، كذلك يفترض علينا أن نتحد في صفوفنا، وأن ننسى الاختلافات في أنفسنا، وأن نعمل مطابقة الكتف إلى الكتف في مقابلة الكفاروالمشركين، وأن نختارالحكمة العملية،  في دفاع الأبرياء المظلومين عن مكائدالكفارو مظالهم. الله هوالموفق وهوالمعين.

الكاتب: الاستاذ بالجامعة الاسلامية فتية، شيتاغونغ، بنغلاديش.

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on linkedin
LinkedIn