حب الرسولﷺ الصادق لم يتحقق إلا فى تطبيق سننه عليه السلام
محمد عبيد الله بن أبى طاهر
الحمد للذي هدانا لنعمة الإسلام والصلاة والسلام على رسوله الأمين وخير الأنام وعلى أله وأصحابه .أما بعد فمن الحقيقة الناصعة أن حب الرسول صلى الله عليه وسلم أول الشروط للإيمان ،لا يكون أحد مؤمنا كاملا بغير حب الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.كان الصحابة كلهم يحبون الرسول من صميم القلب، وهم السابقون الأولون إلى الإسلام فهم صدقوا قول الرسول “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين”.
الحب معناه الود وميل النفس إلى الشخص أو الشيئ العزيز. وهو قسمان :الحب العقلي والحب الطبعي ،الأول هو ميلان النفس إلى الأشياء بالإختيار بمقتضى العقل والثاني هو ميل النفس بطبعه إلى شيئ وشخص بدون اختيار .
الأسباب التي يتحاب بها الناس :
للحب والود أسباب فطرية ودواعٍ ظاهرة يتحاب بها الناس، أولها الجمال؛ لأن الطبائع الإنسانية تميل إلى الجمال، وقد يفعل الجمال فعل السحر فينزع الأموال ويسلب المناصب، فيصير المليونيرمعدما والملك عبدا.وقد أعطي النبي عليه السلام جمال الخَلق والخُلق فكان أجمل الناس خلقا وأخلاقا، وإن كان المشهور أن حسن يوسف نصف حسن بني آدم، لكن جمال سيد البشر وحسنه كان أكمل منه.كما قالت عائشة رضي الله عنها :
لنا شمس وللآفاق شمس* وشمسي خير من شمس السماء
فإن الشمس تطلع بعد فجر*وشمسي تطلع بعد العشاء.
وقال شاعر الرسول حسان بن ثابت : وأحسن منك لم تر قط عيني * وأجمل منك لم تلد النساء .
والثاني الكمال ؛لأن الناس عادة يرجحون إلى الكمال من العلوم والمعارف والفنون والتجارب والخبرات، وكان النبي عليه السلام على قمة من كمال الدنيا والآخرة،وقد قال الله تعالى: إنك لعلى خلق عظيم ،وقال البراءﷺ: كان أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا.
وما أروع ما قال الشيخ السعدي (رح) :بلغ العلى بكماله * كشف الدجى بجماله .حسنت جميع خصاله * صلوا عليه وآله.
الثالث القرابة : الناس يحبون طبعا الأقارب بغض النظر عن الكمال والجمال .وقرابة النبي بالمؤمنين أعلى وأولى القرابات كلها ،كما قال الله جل وعلا: النبي أولى بالمومنين من أنفسهم وأزواجهم الخ
الرابع الإحسان : يطاع به الإنسان ويقال:”الإنسان عبد الإحسان “.وامتنان النبي عليه السلام على أمته أزيد وأكثر .فللرسول المن والفضل بعد الله تعالى .فإن كان أحد يريد أن يحب أحدابالأسباب، فالنبي أحق وأولى بالحب؛لأنه أجمل الناس خَلقا،وأكمل الناس خُلقا ،وأولى الناس قرابة وأكثر الناس فضلا ومنة .
فكان الصحابة صادقين في الحب ، كانوا يؤثرون النبي على أنفسهم وأهليهم ويحبونه أكثر مما يحبون أزواجهم وأولادهم كما شهد به أبو سفيان وهو في الكفر،حيث قال:ما رأيت أحدا من الناس يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا.
قصة حب أبي بكر الصديق :
لما أراد أن يهاجر النبي من مكة إلى المدينة المنورة خرجا من بيت أبي بكر ليلا حتى وصلا إلى غار ثور ، فلما انتهيا إلى باب الغار قال أبو بكر: والله لا تدخله حتى أدخله أولا وأستبرأه ، فإن كان شيئ فأصابني دونك .فدخل فكنسه ونظفه ، فرأى فيه ثقوبا كثيرة حتى شق إزاره وسدها كلها إلا اثنتين فألقمهما برجليه ثم طلب أن يدخل الرسول ، فدخل الرسول ونام واضعا رأسه على حجره.إذا لسع أبو بكر في رجله ،فما أعلم النبي عليه السلام ولم يتحرك مخافة أن ينتبه الرسول؛ حتى انتبه النبي بدمعته الساقطة على وجهه المبارك .
فالعاشق لا يكون بمجرد الادعاء بل العاشق الصادق هو الذي يطيع الرسول حق الإطاعة في كل مرحلة من مراحل الحياة ويهتدي بهديه ويتخذه أسوة .كما قال تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .فأسأل الله العلي الكريم أن يوفقنا لأن نحبه كل الحب ونطيعه حق الإطاعة.آمين.
الكاتب: طالب مرحلة التكميل فى الحديث
بالجامعة الإسلامية فتية، شيتاغونغ، بنغلاديش.