الإسلاموفوبيا: ظاهرة الفاشية بالإسلام

الإسلاموفوبيا: ظاهرة الفاشية بالإسلام

محمّد شاكر الله صادق

مما تجدر الإشارة اليه أن المستشرقين والمبشرين والمستعمرين فى الظرف الراهن على وجه الخصوص، وفى كل وقت  مازالوا يعملون مابوسعهم ويحرصون كل الحرص لصد الناس عن الدين الحنيف، وإبعادهم عن القران والإيمان، من خلال دراسة التراث الإسلامى العريق، ومحاولة التشكيك فيه، وتزويرالتاريخ، وطمس الحقائق، وتهمة مسمومة على الإسلام ظاهرةَ عداوتهم القديمة بالإسلام، ومكائد تطرح الجبال الراسيات ونوايا خبيثة؛ فإن حياتهم وبقائهم يعلّق على هدم الإسلام، حيث نقل عن “جلاد ستون” (رئيس وزراء بريطانيا السابق) يقول: مادام القران فى أيدى المسلمين فلن تستطيع  أوربا السيطرة على الشرق ولا أن تكون هى نفسها فى أمان”. هكذا قال “لورنس بروان”: “إن الإسلام هوالجدار الوحيد فى جدار الاستعمار الأوربى” فلذا استخدموا سلاحا حادّا ضد الإسلام ب”إسلاموفوبيا”وكل يوم يتم فيه إضافة شيئ جديد للحرب الفعالة، التى لايمكن وصفها بالمؤامرة؛ لأنها تنضم فى صفوفها يومًا فيومًا علماء مفكرين فى شتى انحاء العالم، كل شيئ جيد لنقد الإسلام: قضية البرقع، ظاهرة العنف والتطرّف باسم الدين وما الى ذالك من الوحشية والكراهية.

مثلا: لمّا نواجه الإسلاموفوبيا في حياتنا اليومية. فكثيرًا ما نتعرّض لأمورٍ صغيرةٍ وأحداثٍ حقيرة، كشخص تراه ان يمازح بشخص آخر، أو يشرح له بصوت عالٍ لكي نسمعه نحن، مثل قولهم: أيّ واحدة تلبس غطاء الرأس لا تساوي شيئًا في هذا البلد، أو يخاطب أحد الأشخاص كلبه ويقول له: أمسكه، أي أمسك المسلم. أوقتل أحدهم فردا بسبب لبسه عمامة؛ ظنًا منه أنه مسلم، أوقتل امرأة في المطار لحملها لعبة مسدس في يدها. هكذا الضغوطات الاجتماعية التي يتعرض لها المسلمون في أوربا حتى فى بلادنا بنغلاديش، ولاسيّما في البلدان التي توجد فيها أحزاب يمينية متطرفة، تشكّل عائقًا أمام حياتهم اليومية السليمة، والمسلمون الذين يمضون حياتهم مشتبهين محتملين خائفين، لايتعرضون إلى هذه الضغوطات من قبل الجمهور فقط. بل من قبل قادة البلدان التي يعيشون فيها، والشرطة.

ومن الأمثلة الواضحة على استشراء العنصرية المذكورة ضد المسلمين في كل مجال من الحياة الاجتماعية تقريبًا، مثل: خضوع المسلمين إلى الممارسات السيئة من قبل الشرطة، وطلب أولئك الاعتذار منهم، وسؤال الرجل المسلم الراغب في العمل عن زوجته إن كانت تغطي رأسها أو لا، وتنظيم الإجراءات القانونية ضد المسلمين وماالى ذالك من الضغوطات.

ماهى الإسلاموفوبيا؟ “الإسلاموفوبيا”(Islamophobia) تعنى رهب الإسلام، والخوف من الإسلام، والخوف الجماعي المرضي من الإسلام والمسلمين. واستخدمته أولا علماء اجتماع فرنسيون بهذا المفهوم لوصف رفض جزء قوة الإداريين الفرنسيين، ومعاداتهم للمجتمعات المسلمة، والتطورات الإسلامية. ثم ازدهرت كمفهوم مع قيام الثورة الإسلامية فى إيران عام ١٩٧٩م، ثم لم ينتشر هذا المصطلح انتشارا واسعا إلا بعد أحداث ١١ ستمبر ٢٠٠١م بعد تدمير برجى التجارة، ثم توسّع استخدامه لوصف احاسيس  الكراهيّة، والسلوكات العدوانية فى الحياة السياسية والاجتماعية، والإعلام والتعليم تجاه الإسلام والمسلمين، وتوجيه الاتهام مباشرةً ضد المسلمين في الهجمات التي تقع في أي مكان من العالم؛ يعزز الانطباع بأن المسلمين إرهابيون محتملون؛ حيث إن كل العنف والكراهية والحدث والإرهاب والوحشية يرافقه المجتمع فى أىّ انحاء العالم مارسه المسلمون وأحدثوه، والبلاد التى يعيش فيها المسلمون لايتصوّر فيها الأمن والسلام؛ فان الإسلام هو جذور الفساد والارهاب، وصدر هذا عن لسانهم حيث يقول إداور سعيد : “العنف يتولّد من الإسلام، وذالك لانه هو الإسلام فعلا” وأيضا يقول سعيد لطلاب الكليات أو النخب الجامعية الأخرى: اسألوا عن معنى كلمة الإسلام، ستتلقّون نفس الجواب حتمًا: الإرهابيون، المسلّحون، المتعصبون، أصحاب اللحى الذين يسعون لإلحاق الضرر بعدوهم الرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك يعرض أسطورة المسلم التي شكلها الإعلام في الغرب بصورة ملموسة على الصعيد الاجتماعي.

وقد خرجت الممارسات العدوانية بحق المسلمين من كونها طارئة، وأصبحت أمرًا واقعًا، وهذه الهجمات والإسلاموفوبيا نشر العديد من الصحف والمجلات الأكاديمية منشورات معادية للمسلمين، وتحوّلت هذه المنشورات إلى لسان حال الموقف الغربي. في هذا السياق تحولت الإسلاموفوبيا إلى تعبير قوي عن إستراتيجيا لممارسة الضغوط على المسلمين في أوربا ونحوها؛ حتى يجتهدوا أن يروّج هذا المصطلح المعادى للإسلام فى بلادنا بنغلاديش؟ ولانتشار هذا المصطلح قبيل يوم صرف الولايات المتحدة ٢٠٦ مليون دولار كما نشرته صحيفة The guardian الأمريكية الشهيرة فى ٢٠ يونيو ٢٠١٦ م.

لا يمكن أن نلاحظ أبدًا صحيفةً تحمل عنوانًا مثل “الإرهاب اليهودي”.إذا قمنا بأي شيء من هذا يتمّ تجريمنا بمعاداة اليهودية واللاسامية. إلا أننا في كل يوم نواجه عناوين كثيرة مثل “المسلم الإرهابي” و”المسلم الباكستاني الإرهابي” و”المسلم المتطرف دينيًّا. لكن الواقع عكس ذالك؛ فان الهجمات الكبيرة والأحداث الفاشية كلها أبدعها غير المسلمين،

مثلا ان أدلف هتلر (مسيحى) قتل فوق ٦۰ مأة ألف يهوديا، هكذا جوزيف ستالين قتل ۲۰ مليون شخصا، وترك ٥.۱٤مليونا، ماتوا فى محنة تعانى بالمرض، هكذا لقد قتل “جورج بوش” حوالى ٥.۱ مليون شخص فى أفغانستان والعراق، لم تحمل الجريدة عنوان “مسيحوفوبيا”.

هكذا “ماو سى تونج” قتل فوق ۱٤ مليون فردا، ولم يقل الجريدة “بوذوفوبيا” قط. هكذا إن البوذيين اضطهدوا ابائنا واخواننا واولادنا ونسائنا، ويسرقون أموالهم، ويحرقون بيوتهم، ويقتلونهم فى ميانمار؛ حتى لايتركوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، مع ذالك لم تحمل الصحيفة عنوان “بوذوفوبيا”.

هكذا قتل “أسوكا” فوق الف فرد، لم يقل وسائل الإعلام “هندوسوفوبيا”.

إذا يرافق الجريمة أحد من غير المسلمين، فهى جريمة فقط، لكن إذا حدثت تلك الجريمة من المسلمين يصير إرهابا وعزرا (معاذ الله).

على الرغم من أن مفهوم الإسلاموفوبيا خطاب علماني حديث بات يعرف في المناطق التي يوجد فيها المسلمون في العالم الغربي في أعقاب أحداث 11 أيلول- إلا أنه ظاهرة تعود جذورها إلى قرون في التاريخ الأوربي السيّئ. وكان سببًا للمشكلات الكبيرة التي يتعرض له الإسلام والمسلمون في العالم الغربي من العنف والهمجية والوصف بالجنسي.  هذه المشكلات التي تحدث في الحياة اليومية خاصة، يرافقها في أغلب الأحيان استبعاد المسلمين من مجالاتٍ كثيرة. وعلى الرغم من الخطاب التحرري، مثل حرية التعبير واحترام الخيار الفردي- بقيت ممارسة المسلمين قيمهم وهويتهم الخاصة بهم في المجال العام وهو ما اعتبر من حيث القيم الغربية تهديدًا، و عرضا لنموذج حياة إقصائية. وفي نهاية المطاف يبقى الخطاب الإسلاموفوبي والممارسات الإسلاموفوبية اللذان يشكلان خطرًا يهدد المسلمين في العالم الغربي- يشكلان مشكلةً بالنسبة للمجتمعات الإسلامية خارجه أيضًا.

الكاتب: طالب مرحلة التكميل فى الحديث

بالجامعة الإسلامية فتية، شيتاغونغ، بنغلاديش.

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on linkedin
LinkedIn