علمتنا الهجرة
الاستاذ عبيد الله حمزة
الهجرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة والتسليم هو الحادث الجلل الذي غير مجرى التاريخ فهي لاتعني انتقال فرد او مجموعة من الأفراد من مكان الى مكان بل هي انتقال دعوة لم تجد ارضا خصبة وتربة ندية في مكة المكرمة الى يثرب حيث الترحاب والإستقبال ،
الهجرة علمتنا…
اولا : الدين أغلى شئ عند الله ولأجله ارسل الرسل وانزل الكتب وبه قامت السماوات والأرض ولأجله تحمل الأنبياء واتباعهم انواعا من الإيذاء والإضطهاد والهجرة قبل شئ كانت لنشر دين الله وإعلاء كلمته فالرسول الصادق الأمين كان حريصا اشد الحرص على نشر الدين و هداية قومه ولكن ما زادهم ذلك الا عتوا ونفورا فبحث النبي صلى الله عليه وسلم عن مكان أخر يكون اكثر استعدادا لقبول دعوته فكان هذا المكان يثرب
وثانيا : الهجرة من سنن الانبياء وانها تحدث عن حرب أعداء الله لأوليائه ومضايقتهم فلم يكن محمد صلى الله عليه وسلم اول من هاجر من وطنه فقد هاجر قبله بعض إخوانه من الأنبياء من نوح وابراهيم وموسى عليهم السلام فلما قال صلى الله عليه وسلم لورقة بن نوفل ” او مخرجي هم ؟ ما جاء احد بمثل ماجئت به الا عودي ”
وثالثا : الهجرة مهدت الطريق لإقامة دولة للإسلام والمسلمين فالرسول صلى الله عليه وسلم بذل جهده قبل الهجرة في إعداد شخصية المهاجر ثم بحث عن أرض الهجرة ليكون كل مهاجر نواة للدولة الإسلامية الجديدة فهو صلى الله عليه وسلم يعلم ان رسالته للعالم اجمع ولا يمكن تحقيق عالمية رسالته الا من خلال نظام سياسي ودولة يحميها نظام عسكري في مكان امين حيث قال تعالى : الا تنصروه فقد نصره الله إذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين ّاذهما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم
ورابعا : الهجرة تعلمنا درسا في التضحية والصبر والإخاء والصحبة والنصر فلم يكن النصر والتمكين عن طريق الصدفة فبعد السنوات الطويلة التى قضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم هيأ الله لهم اسباب النصر حيث قال تعالى : انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد “
وخامسا : الهجرة تلقن درسا كبيرا في الأمل والثقة بالله فكان صلى الله عليه وسلم دائم الثقة والأمل بالله فلم يجد اليأس الى قلبه طريقا حتى في أحلك الظروف وأصعب اللحظات وحينما يقول صاحبه يا رسول الله لو ان احدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا يقول صلى الله عليه وسلم ما ظنك باثنين الله ثالثهما ويبشر سراقة بظهور الإسلام وسقوط عرش كسرى ووعده بسواره
وسادسا : الهجرة تعلمنا درسا في الأخذ بالاسباب وأخذ صلى الله عليه وسلم كل الاسباب المتاحة لإنجاح عملية الهجرة ولا يطالب الانسان الا بحدود الإستطاعة والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله عزوجل
وسابعا : الهجرة تعلمنا درسا في الصداقة الحقة وحسن الصحبة وتتجلى هذه في مواقف ابي بكر واسماء وعلى وصهيب وخباب بن الأرت وغيرهم من المهاجرين رضى الله عنهم
وثامنا : الهجرة تعلمنا انه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه فلما ترك المهاجرون ديارهم واموالهم واهليهم عوضهم الله تعالى بأن فتح عليهم الدنيا وملكهم شرقها وغربها
وتاسعا : الهجرة تعلمنا ان التخطيط السليم لكل أمر مهم مما يدعو اليه الإسلام ويشجعه فكان صلى الله عليه وسلم خطط كل شئ قبل الهجرة , من يبيت على فراشه ؟ ومن يكون صاحبه في الهجرة ؟ ومن يتقصى الأخبار لقريش ؟ ومن يزود الغذاء ؟ ومن يكون دليلا الى يثرب ؟ وكم يوما يمكث في الغار ؟ جوانب مهمة في السفر المحفوف بالمخاطر ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قام بالتخطيط لها
وعاشرا : الهجرة تعلمنا دروسا أخرى كثيرة في أهمية دور المسجد ودور الشباب والمرأة , علي بن ابي طالب رضى الله عنه من الشباب ونام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة واسماء زودت الطعام ولم تفش السر حتى بعد تعرضها للضرب.
المتأمل في الهجرة النبوية يجد فيها حكما كثيرة ودر وسا عظيمة وفوائد جمة وأسال الله للمسلمين التوفيق لإستلهامها والله ولي الخير والتوفيق .
الكاتب: مدير التحرير للمجلة ومدير التحرير المساعد لمجلة التوحيد، وأستاذ الحديث وعلوم القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية فتية شيتاغونغ