إيضاح عن النهج الذي تتحول به الحكومة
الحافظ محمد جعفر الصادق
من المعلوم ان الخالق و المالك هو الله الاحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد، ولااحد يدبر الكونين الا الله، ولله الامر كله في الشمس والقمر والنجوم والجبال والبحار وما الى ذلك مما يكون مسخرا بامر الله تعالى، كما قال تعلى ﴿الشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره، الاله الخلق والامر﴾ ولااختيارلها في مخالفة امره وتسخيره تعالى حيث أنها تجري بنظام طبعى لايقدر احد طغيان امره في الدنيا و الاخرة الا انه تعالى شرع لابناء ادم عليه السلام احكاما اخلاقية واستخدامية عليهم ان يراعوها في مجالات الحياة الانسانية وتسمى دنيا وشريعة، وجعل بني ادم مخيرين بين إطاعتهم وعصيانهم وكرّمهم بالعقل على سائرالانام وأرشدهم إلى طريق الرشد والهداية ولذا يثابوا إن عملوا أعمالا حسنة ويعاقبوا إن أساءوا الأعمال يوم يقوم الحساب، وربما نشاهد أن الحق قد غُلب والباطل قد انتصر وقدخسر اهل الحق ونجح اهل الشر في الحياة الانسانية، وذلك اضافي حيث لا يعلم أحد من هو خير ومن هو شر حقيقة مع اليقين؟ فلذا لا ينبغي لأحد أن يزكيَ نفسه و غيره كما قال تعالى﴿ولا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى﴾ بل يعلم الخير و الشر دون ريبة بواسطة الوحي المنزل من خالق الخير والشر، وايضا نلاحظ ان لايفلح أهل الحق في كثير من الاحيان، لان الحق لايشترط ان ينجح ابدًا، لأن هذه الدنيا الفانية فيهتدي من أخطأ وضلّ فيها بعد إصلاح خطإه، وهكذا لاتكون عالم الجزاء ولاالقضاء على كامل العدل والقسط، وعلى المؤمن أن يظنّ بالله حسنا دائمًا ولا يجوز أن يظنّ به سوءً ابدا، كماقال النبي -صلي الله عليه وسلم- لايموتن احدكم إلا وهو يحسن بالله ظنا ولا يجوزأن يظن بالله سوء أبدا فان أصاب عبد صالح بمصيبة فأراد به أن ينجيه من اكبر تلك المصيبة، وهكذا ان أبكى احدا فهد فه أن يحميهم من بكاء كبير و يعدّ لأجل مسرة عظيمة.
ومن الحقيقة الناصعة أن أفعال العباد كما تتم بحضارات وقواعد دولية كما تتأدى الاحكام الشرعية والقوانين الاسلاميةباعلام الاسلام ودعاة الدين الذين يتصفون بمختلف المناصب كذلك يحدث تحويل طبيعي في العالم بنظم الهيّة خصوصية، وتكون فيه مناصب مشتتة تتصف بتبديل وعزل عادة على مرّ العصوروالايام، وقد انتخب باذن الله سبحانه وتعالى شخصيات روحانية لادراك تخطيط خالق السموات والارض كزلزلة الأرض وخسفها وانكسار الأنهار وأحوال الصحراء وغيرها وهكذا قرر باذنه من تحكم لمشاعر وميول انسانية وتملك السيطرة في الثورة والانقلاب والدسيسة، ولهم تاريخ ممتلئ باداء المسؤولية كاملا في مسير الحياة الانسانية المطنب وتطور الحضارة وانحطاطها ورقى الاقوام وسقوطها و يجب علينا اليوم أن نفكر من جديد في هذا الامر المزين بالأسرار الروحانية لان التغيرات التي ستظهر في الكون تكون روحانية واما النهضة الذرية والنـزاع المادي وحروب العصور المتطورة ستعدم بالتدريب الروحاني المباشر وتاثير الاعتقاد والتوكل والرحمة والبركة الربانية.
فنظرا الى هذه الحقيقة لا يحدث تغير ولا إصلاح ولاثورة في ايّ سلطة وحكومة دون التدبير الرباني والقدرة الالهية ومراقبة المسؤولين الربانيين المقرّرين في مختلف المناطق والدول للعالم حيث قال تعالى﴿قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير﴾ (سورة ال عمران-٦)
فمن اعتقد بهذا الواقع الحتمي فلن يضطرب ابدا، بحيث أن الحكومة الحاضرة متى تسقط، إن كان من اصحاب الحزب السياسي المعارض، ولن ينذر القضاء عليهاإن كان ممن يدعم اصحاب السلطة فمن اصيب بمثل هذا القلق والاضطراب فقد اخطا اعتقادا وايمانا بالتقدير وبالعكس من امن بالقدر ورضي بالقضاء و توكل على الله تعالى لايحزن احيانا بل يطمئن قلبه دائما، سواء كان من اصحاب السلطة أو من منافيها، واما الاضطراب فيكون لعدم الاطلاع على ميعاد إستمرار الحكومة وعدمها بيد أن الذين يعلمون ذلك با علامه تعالى، فلا يكون لهم جزع وفزع في ذلك، وهم يسمون في إصطلاح التصوّف بأبدال واقطاب وأوتاد وغيرهم كانوا يدركون ويراقبون التدبير الالهي وهم يعيشون بشكل عامة الناس حتى لا يقع في اخيلة وتصوراتهم أنهم يتصفون بهذه الصفة الروحانية ويمتاز ون بميزات علمية تكوينية، كما نشاهد ذلك بعد تصفح أوراق التاريخ الاسلامي فأبين كمثال ليتضح نفس الموضوع للقراء الكرام أن الجنود العسكرية تحت حكومة مغولية هجمت على ولاية جنوبية، وكان حاكمها جائرا وجابرا فلا تكاد أن تفتح ايضا بعد حملات مطنبة حتى خرج السلطان عالمغير اليها تعجبا بفشلهم المدهش على الرغم أنهم اقوياء فليلة هبت ريح صرصر علي المخيمة العسكرية وتبعثرت المخيمة، وكان دخل السلطان عالمغير قبيل هبوب الريح في المعسكر لمراقبة احوالهم متزيّا بملابس العامة، ورجع بعد ان تبدأ الريح العاصفة، فلما فسدت المعسكرات كلها وقع نظره إلى معسكر لم يتمزق ووقف هناك لساعة حتى إختلس النظر الى داخله،فممايعجبه ما راي فيه أن احدا من العساكر المسؤولين يتلو القران الكريم عند اذ في ضوء الشمعة لا يعلم هبوب الريح ولم يؤثر في مخيمه بل كان ضوئها كاملا في شدة الريح العاصفة فرجع السلطان وما تكلم مع احد وقضى بقية الليل في استراحة وعبادة ثم ارسل الى ذلك الجند صباحًا فاستعلمه في خلوة بأنه لما يتاخر فتح هذه الولاية مع موجود مثل شخصيتك؟وكان أبدا لا في زيّ العامة حيث انه قام بمراقبةالعالم ولوكان مسؤولا في العسكرية ومن الذين يعلمون ارادة الله سبحانه وتعالى و قضاءه مما لايعلم عامة العباد فأجاب بأني أخبركم اليوم يا ايّها السلطان! ولكن لاتخبروا احدا عن حقيقتى قبل الارتحال من هذا المكان، فعانقه السلطان و ودّعه مبتسما فقد ذهب سرعة الى غابة مجاورة، ولمارجع منها بدت في وجهه علامة الضجر وفوّض كتابا لسطرين على الجاسوس وأمران يذهب به الى “غال كوندا بيزا فور” ويدنو منعطف الطريق للقصر الملكيّ، ويرى هناك إسكافا يشتغل بحرفة السكافة ويعطيها هذا الكتاب ثم يترقب اجابته لبرهة، فرجع الجاسوس في الميعاد بعد أداء المسؤلية ويده خالية وقال “كنت وجدته في دكانه فأخذه مني وقرأه سرعة فما اجاب عنه كتابة ولاخطابةً بل رحل من هناك الى مكان مجهولٍ فلم اره فعدت دون تاخير فسأل العسكر ألم يقل شيئا؟ قال نعم هو يكرر جملة بعد قراءة الكتابة في الفارسية:”كنت لم أعلم ذلك كنت لم اعلم ذلك “فظهر في وجهه علم السكون والطمانينة وزال القلق فذهب بعد برهةٍ الى مخيم السلطان فقال له في خلوة “اخرج الى العاصمة أيّها السلطان!سيبدأ الهجم العسكريّ فيها قبل وصولك الى العاصمة، وارجو ان تعقد حفلة التشكر يوم الجمعة القادم في دلّي، فكان كما تمنى يعني فتحت الولاية بعد ان صيل عليها يوما كاملا على الرغم لم تفتح للهجوم المستمر الفاشل لتسع سنوات او ستة عشر سنة على اختلاف القولين فوصل خبر الانتصار الى العاصمة وانعقدت حفلة التشكر بكل سرور وبهجة، فزعم عامة الناس حصل الان الانتصار بمشيئة الله تعالى ولم تفتح قبل ذلك لعدم مشيئته ولكن السلطان عالمغير كان حاكما متدينا صالحا يعلم بالكتاب والسنة ويعرف عن حقيقة التصوّف فلذا اراد أن يفهم حقيقة التأخر لهذا الفتح فسأله في خلوة كي يطلع على حقيقتها تفصيلا فاطنب البيان قائلا: اني سعيت بمراقبة وعبادة قلبية خصوصية للاطلاع على عدم انتصار تلك الولاية على الرغم ان الجنود قاموا بالهجوم طيلة تسع سنوات فصاعدًا فاخبرت عن حكمة التكوينات في التغير والتطور والسقوط للخلائق حيث أن حاكم تلك الولاية الكافر دعا الى الله سبحانه وتعالى عند الوفاة يا رحمن! احفظ ابني اليتيم مع ولايته و فوّضته على رعايتك فولّاه هذه الولاية فاستجاب دعائه فلذا لم تستطع الجنود المغولية أن تفتحها وأن تقتله رغم استمرار الحرب الدامية لمدة طويلة ثم ادركت بالمراقبة أن ذلك الحكم سيستمرّ الى ان يبلغ ابن الملك، والان صار شابا ويجور على الرعايا جورا كبيرا وكان قام بالحفاظ عليه ذلك الاسكاف حسب ماأشاره الله تعالى، وكان قطبا من اقطاب النظام الروحاني، انتخب لتلك الولاية فكتب اليه بان مسؤوليتك انتهت لاجل إختتام شرطها فلماذا لاتغادر في الولاية؟ ان كان فيك الاجابة أرسل الىّ الجواب والا ارتحل سرعةً بعد ان تجد الكتاب فارتحل مباشرا بعد القراءة فبشرتك بهذه البشرى بعد الوقوف على هذا الخبر ثم اختفى الجند بعد اذنه و اختار حرفة اخرى.
فلا يحدث تحويل وإصلاح في السلطات الدولية مع دولتنا بنغلاديش الا بأمر الله تعالى كما لايقع أىّ تبديل في جميع مراحل الحياة الانسانية الا باتخاذ قراره تعالى في اللوح المحفوظ ولوكنا لانعلم ويتم هذا النظام الروحاني بالابدال والاقطاب والاوتاد كما نعلم بتشريحات سلوكية في ضوء القران والسنة.
ولاتقل فائدة التشريح الروحاني حيث تزداد بها القوة الايمانية و الثقة بالنفس والاعتماد حتى يفهم العباد إن الحكم الا لله وبالعكس كثير من الناس لاسيما منكروا الروحانية اوالعلماء المنحرفون لايعتنون بهذه القضية لعدم العبور في التكوينات فلا اطلاع لهم فيما يتعلق بالتكوينات من الاحكام الربانية بل يبتعدون من الرحمة الالهية لبحثهم المنافى عن المواد الروحانية وكثيرهم سيخوض في نفس الموضوع كبحث أساسي ديني فتضيع به عظمتها واهميتها.
فلايناسب لاحد أن يتعلق في سقوط السلطة وبقائها بايّ دولة من الدول بل يجب علينا أن نثق ونعتمد بقضاءه تعالى ونتوكل عليه عند توافق وتنافى الظروف السياسية و غيرها
الكاتب : استاذ الأدب العربي والدراسات الاسلامية
بالجامعة الإسلامية فتية، شيتاغونغ، بنغلاديش.
المدير المساعد : لمجلة بلاغ الشرق.