شــهر ربيع الأول وواجبنا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم
بقلم : فضيلة الشيخ المفكر الإسلامي الكبير محمد عبد الحليم البخاري
يتمتع شهر ربيع الأول من كل عام، بمكانة مهمة، ومنزلة رفيعة، في قلب كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، لأنه يحمل ثناياه ذكرى عزيزة عند كل إنسان، وسجلا تاريخيا لمقدم خير البشر، خاتم الأنبياء والمرسلين، وإذا كان مولد الرسول صلى الله عليه وسلم نورا أضاء الكون وأرشد الحيارى، فإن حياته كانت سراجا، ورحمة للعالمين يقول الله تعالى: يأيها النبي إنا أرسلنك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. ويقول تعالى: وما أرسلنك إلا رحمة للعلمين كانت حياته مثلا للطهر والنقاء، والشفافية والتواضع، والعمل بصدق وإخلاص، وكان مولده وبعثته صلى الله عليه وسلم وسط الجهالات والعداوات والضلالات والغفلة، فلم يستسلم لبيئته و ظروفه، ولم يركن لكسل، أو يرضخ لعادات وتقاليد بالية بل جاهد وكافح ، ونشر راية الإسلام، وأعلن كلمة الله ، و أخرج أمته من الظلام إلى النور، وجعلها مصباحا وهاجا يضئ ويهدي بإذن الله إلى الصراط المستقيم وبرغم المقاومة العنيفة، التي وجدها من قومه ، والاضطهاد والأذى الذي لقيه، إلا أنه صمد، ومعه أصحابه على الحق كما أن رسالته خلت من كل نزعة شخصية أو قبلية فبلغت غاية العظمة و الإجلال، رسالة تسمو على كافة الأغراض الشخصية ، وتعتبر الناس جميعا أمة واحدة، وتتحدث عن الهدف الأسمى الذي أعد الله الإنسان له، وعن الوسائل الكفيلة بتحقيق هذا الغرض العظيم، ولذلك استحقت أمته أن توصف بالخيرية، كنتم خير أمة أخرجت للناس.
كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة لأصحابه في سلمه وحربه يعطي المثل والنموذج الصالح للقائد و الزعيم، الذي يتحمل المسؤلية بشجاعة، ويوجه الأحداث والمحن بصبر، ويقود أخطر تحول عرفه التاريخ ، ومع أنه صلى الله عليه مبعوث من ربه، إلا أنه كان بشرا يكد و يكدح، ويأكل من عمل يده، وقد أوصى بالعمل والحرص عليه فلهذا لم ير صلى الله عليه عاجزا ولا كسولا، كما أنه لم ير جبانا ولا بخيلا، وكيف يقعد عن العمل أو يترك الحرص على ما ينفعه، وهو يؤمن بنظام الأسباب، وقانون السنن في الكون. احترف صلى الله عليه التجارة ورعى الغنم، فنشأ عطوفا على الضعفاء جابرا للمكسورين، مواسيا للمرضى، شديدا على الأقوياء في الحق حانيا على المسكين واليتيم وهو القائل صلوات الله وسلامه عليه من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهرله، ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له. قال أبو سعيد الخدري: فذكر رسرل الله صلى الله عليه وسلم من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. و كان صلى الله عليه وسلم لايغضب إلا لله، كلامه حق وقوله فصل، وكان صلى الله عليه صورة حية للقرآن الكريم، يمشي على الأرض وسار أصحابه على نهجه فذكرهم الله فيمن عنده وحقق لهم النصر على أعدائهم، وصدق فيهم قول الله تعالى: ” فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون “.
من هنا وجب علينا أن نتمسك بسنته وأن نترسم خطواته لأنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده ولأنه ينفذ إلى سويداء القلوب وأعماق الأفئدة فيصلح الضمائر ويزكي النفوس ويطهر المجتمعات، وينشر العدل والسلام، ولنا في محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة، فهذا زيد بن الدثنة لما هم به أهل مكة ليقتلوه، قال له أبو سفيان حين قدم ليقتل: أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدا ألآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي. قال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا
وعلامات محبته صلى الله عليه وسلم تظهر فى الإقتداء به واتباع سنته وامتثال اوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه ولا شك ان من احب شيئا آثره وآثر موافقته والا لم يكن صادقا فى حبه.
الكاتب : رئيس الجامعة الإسلامية فتية شيتاغونغ
وامين عام هئية اتحاد المدارس الأهلية بنجلاديش