خطرات الرشوة وأثارها فى المجتمع الراهن
الحافظ محمد جعفر الصادق
تعريف الرشوة :
الرشوة : ـ بفتح الراء وكسرها ـ هي ما يمده المحتاج من مصانعة ومال ونحوه لنيل حاجة متعذرة .
“أو هي : ما يدفعه ظالم لأخذ حق ليس له ، أو لتفويت حق علي صاحبه انتقاما منه ومكرا به ، وللحصول علي مناصب ليس جديرا به ، أو عمل ليس أهلا له.
والرشوة : مأخوذة من الرشا أو الرشاء وهو ” الدلو ” أو “الحبل الذي يدلى في البئر من أجل الحصول علي الباقية .
فهو يمد للحاكم حبال مودته الكاذبة من أجل أن ينال ما يريد منه بأيسر طريق ، وأخس وسيلة غير مبال بما يترتب علي ذلك من العواقب المهلكة والجرائم المزرية بالأخلاق والقيم ” .
وهى : ضرب من ضروب أكل أموال الناس بالباطل ، وهى ماحقة للبركة ومزيلة لها .
والراشي: المعطي للرشوة .
والمرتشي : الآخذ لها .
والرائش : الوسيط بينهما
عن أبى حميد الساعدى – رضي الله عنه- قال : استعمل النبي – صلي الله عليه وسلم – رجلا من الأزد يقال له : “ابن اللتيبة ” على الصدقة ، فلما قدم قال : هذا لكم ، وهذا أهدى إلىّ !!.
قال : فقام رسول الله – صلي الله عليه وسلم- فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
أمّا بعد : فإني أستعمل الرجل منكم علي العمل ممّا ولاّني الله فيأتي فيقول : هذا لكم وهذا هدية أهديت لي ، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله بحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدكم منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر “، ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه يقول : “اللهم هل بلغت “.
أخي القاري! : في هذه ” الوصية ” يحذر النبي الكريم – صلي الله عليه وسلم- من استغلال المناصب ، وينكح جماح كل من ولاه الله تعالى منصبا عن أموال الناس وهداياهم ، ويبين فيها : أن من استعمل علي عمل فحرص وتمني ومدّ يده لهدايا الناس أو أموالهم فهو آثم ومرتش
تحريم الرشوة بالكتاب والسنة :
جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تحذر من الرشوة ، ومن أكل أموال الناس بالباطل :
قال تعالى : “ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحاكم لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون “.
أي : لا تدلوا بأموالكم إلى الحاكم ، أي لا تصانعوهم بها ولا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقا لغيركم وأنتم تعلمون أنه لا يحل لكم .
وعن أبى أمامة- رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – : “من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له عليها هدية فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا “.
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : ” لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم ” .؟ رواه الترمذى وحسنه وابن حبان في “صحيحة ” والحاكم ، وزادوا : “والرائش ” .
وعن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ” لعنة الله علي الراشي والمرتشي
ومن الآثار قال ابن مسعود- رضي الله عنه- : ” الرشوة في الحكم كفر ، وهي بين الناس سحت
وعنه – رضي الله عنه- قال : السحت أن تطلب لأخيك الحاجة فتقضي فيهدى إليك هدية فتقبلها منه
أنواعها : الرشوة ثلاثة أنواع :
النوع الأول : ما يتوصل به إلى نيل المرام بغير حق كالتي يدفعها الجاهل الآثم لحاكم أو مسئول من أجل الحصول علي إعفاء من شيء وجب عليه أداؤه ، أو للحصول علي شيء قبل أوانه ، أو من أجل ترويج سلعة فاسدة ، أو من أجل أن يحظى بصيد ثمين في مزاد ظاهر أو مناقصة عالمية ، وما أشبه ذلك من الأمور التي يترتب عليها أكل أموال الناس بالباطل . وهذا النوع من أشد الأنواع جرما وأعظمها إثما وأكبرها خطرا على المجتمع .. قال الله تعالى : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون .
النوع الثاني : ما يتوصل به إلى تفويت حق على صاحبه انتقاما منه بدافع من الغيرة والحسد وما إلى ذلك . وهو قريب من النوع الأول بل هو داخل فيه . وهل هناك شيء أكبر جرما من ظلم الأخ لأخيه بمثل هذه الوسيلة المخزية المضيعة ؟ ليس في العالمين أخبث سريرة ، وأسوأ سيرة من ذلكم المحتال على الحكام لاجل مساعدتهم على تضييع الأمانة ، وتفويت الحقوق على مستحقيها .
النوع الثالث : ما يتوصل به إلى منصب أو عمل وهو حرام بإجماع العلماء ….وتشتد الحرمة إذا كان الراشي لا يجدر بهذا المنصب ، ولا يستحق لذاك العمل .
اثارها في الفرد و المجتمع
متى تجوز الرشوة :
أجاز العلماء دفع الرشوة من أجل رفع ظلم أو رد حق ، شريطة أن يتيقن من أنه لا يستطيع التوصل إلى دفع هذا الظلم أو ردّ هذا الحق إلا إذا دفع رشوة لمن يقدر علي دفع الظلم ويأثم هنا الآخذ دون المعطي . وذلك لأن المشقة تجلب التيسير .. والله تعالى يقول : ” لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت . ورفع الحرج أصل من أصول الشريعة بشرط أن تتقدر الضرورة بقدرها . وقال تعالى : ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم . فهذه الآية عامة تشمل بعمومها كل مضطر معرض للخطر المحقق ، والضرر المحدق . ولا يجوز أن تتسع دائرة الإباحة في هذا الأمر لتشمل كل اضطرار فهناك ضرر خفيف لا يقاوم إثم الرشوة وما يترتب عليها من غضب وعقاب ! وبالجملة : فالإنسان أعلم بنفسه ، وهو المسئول وحده عن تصرفه بين يدي الله يوم القيامة ، هل كان معذورا أم لا ؟ والسعيد من أعد للاجابة عن السؤال فإذا تعرض لدفع رشوة وهو كاره ، ومضطر فلا جناح عليه عند جمهورالعلماء ، ولكن عليه أن يتبع السيئة بالحسنة . أما المرتشي فإن عليه من الوزر ما تقشعر منه القلوب والأبدان . إن ذنب الرشوة لا يقل عن الربا لما فيها من استغلال القوى للضعيف ، والحاكم للمحكوم ، ولما يترتب عليها من ضياع للحقوق وإفساد للذمم وإغطاط الأخلاق .
وقال الحافظ الذهبي : – رحمه الله تعالى- : قال العلماء …. وإنما تلحق اللعنة الراشي إذا اراد بها أذية مسلم ، أو ينال بها ما لا يستحق . أما إذا أعطى ليتوصل إلى حق له ويدفع عن نفسه ظلما فإنه غير داخل في اللعنة . وأما الحاكم فالرشوة عليه حرام أبطل بها حقا أو دفع بها ظلما . وقد روى من حديث آخر : إن اللعنة على الرائش أيضا وهو الساعي بينهما ، وهما تابعان للراشي في قصده ، إن كان خيرا لم تلحقه اللعنة وإلا لحقته وبالجملة فالرشوة من أجل دفع الضرر ورد الحق الضائع جائزة شرعا وعرفا بشرطين .
الأول : تيقنه من استحالة نيل حقوقه إلا بها (وتكون بقدر الضرورة فحسب ) .
والثاني : ألا يستحل ذلك ، بل يستنكره في نفسه على الأقل ، ويستغفر الله تعالى .
أخي القاري! لقد سمعت عن عقوبة الراشي والمرتشي والرائش في الآخرة وهي اللعن والطرد من رحمة الله . وسمعت شيئا عن مفاسدها في المجتمع ، أفلا يكون في ذلك يقظة وحمية لكل مؤمن يخشى الله ويخاف عقابه ، ولكل مخلص يحافظ علي دينه ومجتمعه ؟ كيف يرضي مسلم أن يعرض نفسه لغضب الله وعقوبته ؟ بل كيف يرضي أن يخون دينه وأمانته هل يليق لمؤمن أن يعرف الله ويوقن باليوم الآخر أن يسعى في فساد المجتمع وإبادته ؟
إن الرشوة تطمس الحق ، وتحجب العدل ، وتكون سببا في ضياع الحقوق وإعطاء من لا يستحق ما ليس له ، كما تساعد على إخفاء الجرائم ، وتستر القبائح ، وتقلب الوقائع وقد تقدم غير الكفء على الكفء ، وترفع الخامل وتخفض المجد ، وتنفع الغنى القادر وتضر الفقير المحتاج وقد تجلب لبلاد المسلمين المواد الفاسدة والمخدرة والسموم والمحرمات وتتيح التجسس ويحل الغش محل الإخلاص ، والخيانة محل الأمانة … وما ترتب على ذلك من المفاسد والآثار البالغة الاسوء على الأفراد والجماعات والأمة الإسلامية ، ولهذا كانت الرشوة في نظر أهل الدنيا جريمة يعاقب عليها القانون ، وخيانة وطنية ، وهي في نظر الشرع الاسلامي إثم عظيم ، وقد تكون وسيلة للكفر والعياذ بالله ـ إذا أحلت حراما وحرمت حلالا وهذا ما ينطق به الواقع المؤلم !!!. فما فشت الرشوة في أمة إلا وحل فيها الغش محل النصح ، والخيانة محل الأمانة ، والخوف محل الأمن ، والظلم محل العدل . فالرشوة مضيعة للحقوق معطلة للمصالح ، مجرئة للظلمة والمفسدين . ما فشت في مجتمع إلا وآنت بهلاكه”. والخلاصة :
* التحذير من الرشوة والإعانة عليها .قال تعالى : “ولا تعاونوا على الإثم والعدوان “.
* الرشوة سبب مباشر لعدم إجابة الدعاء ، لأن الحرام يوصد أبواب السماء أمام الداعي وفى “صحيح مسلم “حين ذكر النبي – صلي الله عليه وسلم- ” الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السماء يا رب! وطعمه من حرام ، ومشربه من حرام ، وملبسه من حرام ، وغذى بالحرام فأنّى يستجاب لذلك ؟”
الرشوة سبب مباشر لدخول النار ففي ” صحيح البخاري “: أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم- قال : “إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة “. وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : “إن الله عز وجلّ قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله عز وجلّ يعطى الدنيا من يحبّ ومن لا يحبّ ، ولا يعطى الدين إلا من أحب ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ، والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه ، ولا يكسب مالا من حرام فينفق منه فيبارك فيه ، ولا يتصدق به فيقبل منه ، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار . إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ،ولكن يمحو السيئ بالحسن . إن الخبيث لا يمحو الخبيث “.
الرائش يعين المرتشي على الظلم ، والله تعالى يقول : ” ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون “. وقال مكحول الدمشقي ـ رحمه الله تعالى- : “ينادى مناد يوم القيامة : أين الظلمة وأعوانهم ؟ فما يبقى أحد مد لهم حبرا أو حبر لهم دواة أو برئ لهم قلما فما فوق ذلك إلا حضر معهم فيجمعون في تابوت من نار فيلقون في جهنم ” .
الرشوة تؤدى إلى اختلال ميزان العدالة في المجتمع ، وإحداث خلل فيه ، قد يؤدى إلى ضياعه وانهياره . قال الشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى-:” إن الله تعالى ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ويخذل الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة!”.
الهدايا التي تقدم للموظفين من الرعية ، تعد رشوة مقنعة ، لذا أنكر النبي – صلي الله عليه وسلم- على ” ابن اللتبية ” قائلا : ” أفلا جلس في بيت أبيه وأمّه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا ؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حق إلا لقي الله يحمله يوم القيامة.”
وجوب محاسبة الموظفين والقائمين على أعمال داخل الدولة أو خارجها من جهة ولاة الأمور إذا صدرمنهم تجاوز كما فعل النبي – صلي الله عليه وسلم- مع ” ابن اللتبية “
أثر الرشوة في المجتمع
كيف يكون حال المجتمع الحاضر حين تتسلل فيه الرشوة؟
لا شك أن المعاصي إذا ظهرت تسبب فرقة المجتمع وانقطاع أواصر المودة بين أفراده وتسبب الشحناء والعداوة وعدم التعاون على الخير، ومن أقبح آثار الرشوة وغيرها من المعاصي في المجتمعات ظهور الرذائل وانتشارها واختفاء الفضائل، وظلم بعض أفراد المجتمع فيما بينهم للبعض الآخر بسبب التعدي على الحقوق بالرشوة والسرقة والخيانة والغش في المعاملات وشهادة الزور ونحو ذلك من أنواع الظلم والعدوان، وكل هذه الأنواع من أقبح الجرائم، ومن أسباب غضب الرب ومن أسباب الشحناء والعداوة بين المسلمين، ومن أسباب العقوبات العامة كما قال النبي ﷺ إن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه (رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي بكر)
ومن الاسف الشديد أن الرشوة قد تسللت في جميع الاقسام الادارية لحكومة بنغلاديش حيث لا تسدّ مشكلة ولاتقضي حاجة في المكاتب الرسمية إلا بالرشوة حتي صارت كضابطة حتمية ولا تعد جريمة عند نظرالاداريين والوزراء والامراء فيتولي المناصب غير أهلها بواسطة الرشوة فيقع خلل واضطراب في أداء المسؤلية التي يقومون بها كما نشاهد ذالك كل يوم بعد تصفح اوراق الجرائد اليومية فأذكر هنا كتمثيل نتيجة سلبية لنقص السائقين الذين حصلوا علي رخصة القيادة بالرشوة دةن تدريب وتجربة فلما اشتغلوا بسوق السيارات اشتد الاصطدام في الشوارع حتي يزداد عدد الاموات يوما فيوما وتضطرب الحياة الانسانية ويقنط المسافرون عن الامن والسكون للحياة
فنهض طلاب الكليات والجامعات المستيقظين بعد حتف ثلاثة طلاب بالاصطدام وخرجوا إلي الشوارع وبحثوا عن رخصة القيادة لكل من ساق السيارات في الشوارع حتي سيارات الوزراء والامراء والقوّاد وغيرهم وقاموا بذالك مع نهضة ورغبة عجيبة حتي صارتتبعهم كحركة طلابية وقد اعترف بها كل طبقة من طبقات الناس إلا طبقة الحكومة
فيري المثقفون والكاتبون السياسيون وما إلي ذالك من المتنشطين أن كثرة الاصطدام ليس إلا بسبب نقص وعدم مهارة في السياقة علي الرغم قد اجترؤاالسياقة – وهوامرمهم خطير- بقوة رخصة القيادة التي حصلواعليها بواسطة الرشوة فالراشي والمرتشي كلاها مجرمان سيئان في هذه الجريمة وأمثال سلبية لعموم الرشوة في المجتمع الراهن كثيرة لا يحصي عددها فأنادي عامة الناس خصوصا حكومة بنغلاديش إلي ترك الرشوة و تقنين شديد لتركها
* الرشوة سبب مباشر لدخول النار ففي ” صحيح البخاري “: أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم- قال : “إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة “. وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : “إن الله عز وجلّ قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله عز وجلّ يعطى الدنيا من يحبّ ومن لا يحبّ ، ولا يعطى الدين إلا من أحب ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ، والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه ، ولا يكسب مالا من حرام فينفق منه فيبارك فيه ، ولا يتصدق به فيقبل منه ، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار . إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ،ولكن يمحو السيئ بالحسن . إن الخبيث لا يمحو الخبيث “.
* الرائش يعين المرتشي على الظلم ، والله تعالى يقول : ” ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون “. وقال مكحول الدمشقي ـ رحمه الله تعالى- : “ينادى مناد يوم القيامة : أين الظلمة وأعوانهم ؟ فما يبقى أحد مد لهم حبرا أو حبر لهم دواة أو برئ لهم قلما فما فوق ذلك إلا حضر معهم فيجمعون في تابوت من نار فيلقون في جهنم ” .
* الرشوة تؤدى إلى اختلال ميزان العدالة في المجتمع ، وإحداث خلل فيه ، قد يؤدى إلى ضياعه وانهياره . قال الشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى-:” إن الله تعالى ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ويخذل الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة!”.
* الهدايا التي تقدم للموظفين من الرعية ، تعد رشوة مقنعة ، لذا أنكر النبي – صلي الله عليه وسلم- على ” ابن اللتبية ” قائلا : ” أفلا جلس في بيت أبيه وأمّه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا ؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حق إلا لقي الله يحمله يوم القيامة.”
* وجوب محاسبة الموظفين والقائمين على أعمال داخل الدولة أو خارجها من جهة ولاة الأمور إذا صدرمنهم تجاوز كما فعل النبي – صلي الله عليه وسلم- مع ” ابن اللتبية “
أثر الرشوة في المجتمع
كيف يكون حال المجتمع الحاضر حين تتسلل فيه الرشوة؟
لا شك أن المعاصي إذا ظهرت تسبب فرقة المجتمع وانقطاع أواصر المودة بين أفراده وتسبب الشحناء والعداوة وعدم التعاون على الخير، ومن أقبح آثار الرشوة وغيرها من المعاصي في المجتمعات ظهور الرذائل وانتشارها واختفاء الفضائل، وظلم بعض أفراد المجتمع فيما بينهم للبعض الآخر بسبب التعدي على الحقوق بالرشوة والسرقة والخيانة والغش في المعاملات وشهادة الزور ونحو ذلك من أنواع الظلم والعدوان، وكل هذه الأنواع من أقبح الجرائم، ومن أسباب غضب الرب ومن أسباب الشحناء والعداوة بين المسلمين، ومن أسباب العقوبات العامة كما قال النبي صلي الله عليه وسلم إن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه (رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي بكر)
ومن الاسف الشديد أن الرشوة قد تسللت في جميع الاقسام الادارية لحكومة بنغلاديش حيث لا تسدّ مشكلة ولاتقضي حاجة في المكاتب الرسمية إلا بالرشوة حتي صارت كضابطة حتمية ولا تعد جريمة عند نظرالاداريين والوزراء والامراء فيتولي المناصب غير أهلها بواسطة الرشوة فيقع خلل واضطراب في أداء المسؤلية التي يقومون بها كما نشاهد ذالك كل يوم بعد تصفح اوراق الجرائد اليومية فأذكر هنا كتمثيل نتيجة سلبية لنقص السائقين الذين حصلوا علي رخصة القيادة بالرشوة دةن تدريب وتجربة فلما اشتغلوا بسوق السيارات اشتد الاصطدام في الشوارع حتي يزداد عدد الاموات يوما فيوما وتضطرب الحياة الانسانية ويقنط المسافرون عن الامن والسكون للحياة
فنهض طلاب الكليات والجامعات المستيقظين بعد حتف ثلاثة طلاب بالاصطدام وخرجوا إلي الشوارع وبحثوا عن رخصة القيادة لكل من ساق السيارات في الشوارع حتي سيارات الوزراء والامراء والقوّاد وغيرهم وقاموا بذالك مع نهضة ورغبة عجيبة حتي صارتتبعهم كحركة طلابية وقد اعترف بها كل طبقة من طبقات الناس إلا طبقة الحكومة
فيري المثقفون والكاتبون السياسيون وما إلي ذالك من المتنشطين أن كثرة الاصطدام ليس إلا بسبب نقص وعدم مهارة في السياقة علي الرغم قد اجترؤاالسياقة – وهوامرمهم خطير- بقوة رخصة القيادة التي حصلواعليها بواسطة الرشوة فالراشي والمرتشي كلاها مجرمان سيئان في هذه الجريمة وأمثال سلبية لعموم الرشوة في المجتمع الراهن كثيرة لا يحصي عددها فأنادي عامة الناس خصوصا حكومة بنغلاديش إلي ترك الرشوة و تقنين شديد لتركها
الكاتب : استاذ الأدب العربي والدراسات الاسلامية
بالجامعة الإسلامية فتية، شيتاغونغ، بنغلاديش.
المدير المساعد : لمجلة بلاغ الشرق.