الديمقراطية في نظر الإسلام

الديمقراطية في نظر الإسلام

محمد سـهيل القادر

قبل الحديث عن الديمقراطية في نظر الإسلام نحن أن نشير أولا إلي مفهومها لدي الغربيين، لأنها مصطلح عرفي، فيعتبر المعني الذي أريد عند وضعها،

إعلم أن الديمقراطية كلمة يونانية، مركبة من جزئين، ديموس (Demos) أعني الشعب، و كراتوس (Kratos) أعني الحكم، فترجمتها الحرفية: حكم الشعب و تشريع الشعب،

ومعناهاالعرفي: هي نظام الدولة الذي يكون قوته الأصلية عند الشعب، و في الحقيقة أن الشعب هم الذين يقومون بالدولة، ولكن في هذا النظام يجعل لهم وكيلا، الذي ينتخب بعد ميعاد معين بانتخاب مستقل غير مقيد،

الدولة الديمقراطية: هي نظام الدولة الذي طبع علي أن يقرر ويحكم برأي الأكثرية و الأغلبية،

الديمقراطية نظام مخالف للإسلام

لا مناسبة بين الإسلام و الديمقراطية أدني المناسبة، بل بينهما بون بعيد و فرق عظيم، فالديمقراطية نظام مخالف للإسلام ؛ لأن الحكم والتشريع في نظام الإسلام لله تعالي فقط، حيث قال جل وعلا: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (غافر: ١٢) وقال تعالى :  إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ (يوسف: ٤٠) ولكن الديمقراطية يجعل سلطة التشريع للشعب ، أو من ينوب عنهم كأعضاء البرلمان ، فيكون الحكم فيه لغير الله تعالى ، بل للشعب ، ونوابه ، والعبرة ليست بإجماعهم ، بل بالأكثرية ، ويصبح اتفاق الأغلبية قوانين ملزمة للأمة ، ولو كانت مخالفة للفطرة ، والدين ، والعقل، نحو إباحة الخمر و الزنا ودور السينما وغيرها، فتعتبر الديمقراطية وما تفرع عنها منهجا مستقلا جاهليا مغايرا لمنهج الإسلام، ومن ثم فلا سيل إلى مزجها بالإسلام بأى حال من الأحوال، لأن الإسلام نور والديمقراطية ظلمات، وما يستوى الظلمات ولا النور، والإسلام هدى ورشد، والديمقراطية غى وضلال؛ قد تبين الرشد من الغى، والإسلام منهج ربانى سماوي، والديمقراطية نتاج بشري أرضي، وشتان ما بينهما!

مفاسد الديمقراطية

أن الديمقراطية لها مفاسد عديدة، نذكر هنا قليلا منها، إذا ألقينا النظر فيها، يتضح لنا وضح النهار بأن الديمقراطية كفر بالله وبرسوله وبدين الإسلام،

  1. إن من يسلك أو يبتنى النظام الديمقراطي لا بد له من الإعتراف بالمؤسسات والمبادئ الكفرية، كمواثيق الأمم المتحدة وقوانين مجلس النيابة وقوانين الدستور الدولي، وغير ذلك من القيود المخالفة لشرع الله،
  2. النظام الديمقراطي يعطل الأحكام الشرعية، من جهاد وحدود وقصاص، وأحكام الردة والمرتدين والجزية والرق، وغير ذلك من الأحكام.
  3. الديمقراطية تعتمد على الأغلبية والكثرة، بدون ضوابط شرعية، تعالي يقول الله تبارك و تعالي : وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ (الأنعام:١١٦) ويقول الله تعالى: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (الروم:٦)
  4. الديمقراطية لا تفرق بين العالم والجاهل، والمؤمن والكافر، والذكر والأنثى، فللجميع أصواتهم على حد سواء، بدون أي إعتبار للميزات الشرعية، والله تعالى يقول: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (الزمر:٩) ويقول تعالي: أفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ (السجدة:٩) ويقول تعالي: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى (آل عمران:٣٦)
  5. الإقرار والإعتراف بالديمقراطية معناه – عند النظر والتدقيق – الطعن في الشريعة والرسل والرسالات، لأن الحق إذا كان يعرف عن طريق ما عليه أكثرية الشعوب، فلا معنى إذاً لإرسال الرسل وإنزال الكتب، لا سيما والرسل يأتون عادة بما يخالف ما عليه أكثر الناس من العقائد الخرافية والانحرافات البشرية والعادات الجاهلية.
  6. المجالس النيابية؛ مجالس طاغوتية، غير مؤمنة بالحاكمية المطلقة لله، فلا يجوز الجلوس معهم فيها، لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (النساء:١٤٠(
  7. والديمقراطية تفتح الباب للشهوات، وللإباحة من خمر و ربو وأغاني وفسق وزنا ودور سنما، وغير ذلك من الإنتهاكات الصارحة لمحارم الله، تحت شعار الديمقراطية المعروف؛ “دعه يعمل ما يشاء، دعه يمر من حيث شاء”، تحت شعار: “حماية الحرية الشخصية”!
  8. وهو من أخطرها؛ أن طريق الديمقراطية والإنتخابات يؤدي إلى تمكين الكفار والمنافقين من الولاية على المسلمين، بطريق يظنها بعض الجهلة شرعية، وقد قال الله تعالى: لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (البقرة:١٢٤) وقال الله تعالى: وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (النساء:١٤١)

أقوال العلماء الفحول في الديمقراطية

  • قال الشيخ حكيم الأمة العلاّمة أشرف علي التهانوي : ليس في الإسلام شيئ باسم الدولة الديمقراطية، ونظام الديمقراطية الحديثة غرور فقط، خاصة الدولة الديمقراطية اللتي يكون بعض أعضائها مسلما وبعضها غير مسلم، ها هو الدولة اللادينية، (ملفوظات التهانوي/200)
  • قال الشيخ العلامة إدريس الكاندهلوي: هولاء يقولون أن هذه دولة الشعب و العمال، والحق أن هذه الدولة دولة الكفر، (عقائد الإسلام/230)
  • قال الشيخ القاري محمد طيب: الديمقراطية شرك بالله عز وجل في صفة الملك ، وفي صفة العلم، (فطری حکومت)
  • قال الشيخ المفتي رشيد أحمد اللدهيانوي: هذه الحالات ثمرات الشجرة الخبيثة للديمقراطية الغربية، فلا مجال في الإسلام لهذا النظام الكفري، (أحسن الفتاوي، 26/6)
  • قال الشيخ الشهيد العلامة يوسف اللدهيانوي: ليس الأمر هكذا فقط- أن الديمقراطية ليست بينها وبين الإسلام مناسبة، بل الأمر أن الديمقراطية مخالفة ومعارضة للإسلام، (آپکے مسائل اور انکا حل، 176/8)
  • قال الشيخ المفتي العلامة تقي عثماني حفظه الله: ولو أقيم نظام الإسلام بالديمقراطية فلايجوز لهم الديمقراطية، لأن نظام الإسلام لم يقم لعلو أوامر الله وهدي الرسول ، بل أقيم لأن أكثر الشعب قبله، فلم يجعل الله ورسوله حاكما، بل جعل الشعب حاكما، وأيضا لايبقي هذا النظام دائما، بعد زمن قليل إذا تغيرت أفكار الشعب، وأختلفت نظريتهم، فلايكون سبيلا لنظام الإسلام، (حکیم الأمت کے سیاسی أفکار)

الفرق بين الديمقراطية والشوري

إن بعض الناس يظنون أن الديمقراطية تعادل الشورى في الإسلام ! وهذا ظن فاسد  لوجوه كثيرة ، منها

* أن الشورى تكون في الأمور المستحدثة ، أو النازلة ، وفي الشؤون التي لا يفصل فيها نص من القرآن أو السنَّة ، وأما حكم الشعب فهو يناقش قطعيات الدين ، فيرفض تحريم الحرام ، ويحرِّم ما أباحه الله أو أوجبه ، فالخمر أبيح بيعها بتلك القوانين ، والزنا والربا كذلك ، وضيِّق على المؤسسات الإسلامية وعلى عمل الدعاة إلى الله بتلك القوانين ، وهذا فيه مضادة للشريعة ، وأين هذا من الشورى ؟!

* لامجلس الشورى يتكون من أناسٍ على درجة من الفقه والعلم والفهم والوعي والأخلاق ، فلا يُشاور مفسد ولا أحمق ، فضلاً عن كافر أو ملحد ، وأما مجالس النيابة الديمقراطية : فإنه لا اعتبار لكل ما سبق ، فقد يتولى النيابة كافر ، أو مفسد ، أو أحمق ، وأين هذا من الشورى في الإسلام ؟!

* الشورى غير ملزمة للحاكم ، فقد يقدِّم الحاكم رأي واحدٍ من المجلس قويت حجته ، ورأى سداد رأيه على باقي رأي أهل المجلس، بينما في الديمقراطية النيابية يصبح اتفاق الأغلبية قانوناً ملزماً للناس .

الله خالقنا، وهو أعلم بمصلحتنا

والله عز وجل هو خالق الخلق ، وهو يعلم ما يَصلح لهم وما يُصلحهم من أحكام ، والبشر يتفاوتون في العقول والأخلاق والعادات ، وهم يجهلون ما يصلح لهم فضلا أن يكونوا على علم بما يَصلح لغيرهم ، ولذا فإن المجتمعات التي حكمها الشعب في التشريعات والقوانين لم يُر فيها إلا الفساد ، وانحلال الأخلاق ، وتفسخ المجتمعات ،فقال عز وجل:  أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ  (المائدة:٥٠)

الكاتب: طالب الصف الثانية من المرحلة العالمية،

بالجامعة الإسلامية فتية، شيتاغونغ

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on linkedin
LinkedIn