عمّالكم أعمالكم
الاستاذ همايون كبير
التقديم:
إن السلطان ظل الله في الأرض وهو الذي يقدر على إقامة الصلاة كما حقه وإجراء القانون الإسلامي كما ينبغي وإن الله تعالى يعطي الملك لمن يشاء وإليه أشار قوله تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران، الآية: 26).
فالله تعالى يسلط على الناس حاكما عادلا أو ظالما وذلك وإن كان بمشية الله تعالى لكنه يسلط ذلك بأعمال الناس وأفعالهم فإذا كان الناس من العادلين يكون الأمير أيضا منهم وإذا كان الناس من الظالمين يكون الأمير أيضا منهم وإليه أشار قوله تعالى: وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ.( الأنعام، الآية:129). جاء في تفسير هذه الآية قَولَ ابْن عَبَّاسٍ: إِذَا رَضِيَ الله عن قوم ولى أمرهم خيارهم، إذا سَخِطَ اللَّهُ عَلَى قَوْمٍ وَلَّى أَمْرَهُمْ شِرَارَهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَفْسِيرُهَا هُوَ أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِقَوْمٍ شَرًّا وَلَّى أَمْرَهُمْ شِرَارَهُمْ. يَدُلُّ عليه قول تَعَالَى:” وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ”. (الشورى، الآية: 30).
تعارف العمال:
قال نشوان: والعامل: واحد العمال، وهم الذين يلون الأعمال.( شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، ج7، ص: 4756) فمن يكون على حفاظة أموال الناس وأعراضهم وأنفسهم فهو الأمير والعامل، ويكون بمختلف الدرجات على درجات الرعية.
تعارف الرعية:
خلق الله تعالى النّاس وجعل بعضهم مُرتبطاً ببعض في معيشتهم وحياتهم، ومن حكمته سبحانه أن جعلهم بحاجةٍ إلى من يُسوّسهم ويتولّى أمرهم ويقوم على شؤونهم، ولا يَصلح حالهم ولا تستقيم حياتهم إلا بوجود وليّ أمرٍ وإمام يقوم بتنظيم أمورهم ويرعاها.
ورعى الأمير رعيته، فالرعية فعلية بمعنى مفعولة.(المطلع على ألفاظ المقنع، ص: 262) فمن يكون تحت رعاية أحد فهو من الرعية، وذلك يكون على مختلف الدرجات حسب درجات الأمراء والحكام.
تحذير النبي صـ حول العمّال:
إن النبي صـ حذر عن بعض العمال والأمراء وأعمالهم والثبات على الدين عند جورهم وظلمهم وإليه أشارقوله – عليه السلام- : عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ. (الترمذي، رقم الحديث: 2229).
وروى الإمام المسلم: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، مَا صَلَّوْا»، أَيْ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأَنْكَرَ بِقَلْبِهِ.(مسلم، رقم الحديث:1854.) فالنبي صـ أشار فيه إلى بعض الأمراء الذين يفعلون المنكر ولابد للأمة الإنكار عند ذلك.
روى الطبراني أيضا في الأمراء الظلمة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أُمَرَاءُ ظَلَمَةً، وَوُزَرَاءُ فَسَقَةً، وَقَضَاةٌ خَوَنَةٌ، وَفُقَهَاءُ كَذَبَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَلَا يَكُونَنَّ لَهُمْ جَابِيًا، وَلَا عَرِيفًا، وَلَا شُرْطِيًّا». لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ قَتَادَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ “.
(الطبراني، الأوسط، رقم الحديث: 4190.)
إن الله تعالى يعذب الناس بسبب الآثام والأعمال السيئة بطرائق عديدة كالمرض والغرق والحرق والطوفان وغيرها من العقوبات وكذلك يعذب بالعمال والأمراء وإليه أشار قوله تعالى: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا. ( الإسراء، الآية: 5) حيث إن الله تعالى سلط عليهم بخت نصر فعذبهم عذابا شديدا
في تفسير الرازي: بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِذَا جَاءَ وَعْدُ الْفُسَّاقِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى أَرْسَلْنَا عَلَيْكُمْ قَوْمًا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ، وَنَجْدَةٍ وَشِدَّةٍ، وَالْبَأْسُ الْقِتَالُ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَؤُلَاءِ الْعِبَادِ مَنْ هُمْ؟ قِيلَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَعَظَّمُوا وَتَكَبَّرُوا وَاسْتَحَلُّوا الْمَحَارِمَ وَقَتَلُوا الْأَنْبِيَاءَ وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَذَلِكَ أَوَّلُ الْفَسَادَيْنِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بُخْت نَصَّرَ فَقَتَلَ مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِمَّنْ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَذَهَبَ بِالْبَقِيَّةِ إِلَى أَرْضِ نَفْسِهِ فَبَقُوا هُنَاكَ فِي الذُّلِّ إِلَى أَنْ قَيَّضَ اللَّهُ مَلِكًا آخَرَ غَزَا أَهْلَ بَابِلَ وَاتَّفَقَ أَنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَطَلَبَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَلِكَ الْمَلِكِ أَنْ يَرُدَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَفَعَلَ، وَبَعْدَ مُدَّةٍ قَامَتْ فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءُ وَرَجَعُوا إِلَى أَحْسَنِ مَاكَانُوا، فَهُوَ قَوْلُهُ: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ. (التفسير الكبير، ج20، ص: 299.)
وإن الله تعالى لايعذب بالحكام الجور بدون معاصي الناس وإليه أشار قوله تعالى: قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ . (رعد، الآية: 11).
في نوادر الأصول: وجاء في الخبر عن الله تعالى من قوله لبني إسرائيل إني أبتدئ عبادي بنعمتي فإن قبلوا أتممت وإن شكروا زدت وإن غيروا نقلت وإن بدلوا غضبت. (نوادر الأصول في أحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم-( ج3، ص:266).
وهو المراد بقوله تعالى: وَإِذْ تأذّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ. (إبراهيم، الآية: 7)
في نوادر الأصول: فالنعمة اسم جامع جملة لهذا الآدمي في بدنه ودينه ودنياه فلو لم يذنب لم يأخذ منه شيئا وكان على هيئته وإنما جاءت الأمراض والنوائب والأحوال المتغايرة لمكان الخطايا والذنوب غيروا فغير الله ما بهم وعفى عن كثير وقال الله تعالى في تنزيله ! (ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)( الشورى، الآية: 30) !
فالاعتبار في هذا الأمر بقصة أبينا آدم عليه السلام فإن الله تعالى خلقه بيده وأسجد له ملائكته وبوأه مع زوجته وعهد إليه عهدا أن هذا الذي أبى أن يسجد لك هو عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى وعرض الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها فنظر آدم إلى إباد هؤلاء فأخذته الغيرة وهاج منه الحب لله فاحتملها وتقلدها فبقيت قلادة في عنقه فقيل له هذه الجنة مسكنك فانظر أن لا يخرجك وزوجتك هذا العدو من هذا المسكن بأن يغرك حتى تحدث فيه حدثا يكون خيانة للأمانة وقيل له إن لك فيها أي في الجنة أن لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى وهذه الأربع قوام الآدمي ومعاشه يعرفه أنك إن أحدثت أخرجت منها فإذا أخرجت شقيت أي صرت بمعزل من النعيم ولحقتك الشدة والتعب والنصب في هذه المعيشة فتحتاج إلى أن تتكلف لجوعك طعاما ولعريك لباسا ولظمأك ماء ولضحاك وهو حر الشمس مسكنا وكنا فلما أحدث أخرج منها وألقي عليه هذا الذي حذر من الشقاء دون حواء فقيل تشقى ولم يقل تشقيان ومن ههنا علمنا أن نفقة المرأة على الزوج فبقي ولده في هذا الشقاء إلى انقضاء الدنيا فكل من كان من ولده أحفظ لهذه الأمانة كان أوفر حظا من أمان الله في الدنيا والآخرة لأنه إنما قبل الله منه إيمانه بقبوله للأمانة. (نوادر الأصول في أحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم- ج4، ص:211.).
روى الطبراني: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : «خَمْسٌ بِخَمْسٍ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا خَمْسٌ بِخَمْسٍ؟ قَالَ: «مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ، وَمَا حَكَمُوا بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الْفَقْرُ، وَلَا ظَهَرَتْ فِيهِمُ الْفَاحِشَةُ إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الْمَوْتُ، وَلَا طفَّفُوا الْمِكْيَالَ إِلَّا مُنِعُوا النَّبَاتَ وَأُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَلَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ إِلَّا حُبِسَ عَنْهُمُ الْقَطْرُ». (الطبراني، المعجم الكبير، رقم الحديث: 10991.).
في حلية الأولياء: عن عَبْد اللهِ بْن الْعَيْزَارِ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالشَّامِ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ طِينٍ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ أَصْلِحُوا سَرَائِرَكُمْ تَصْلُحْ عَلَانِيَتُكُمْ، وَاعْمَلُوا لِآخِرَتِكُمْ تُكْفَوْا أَمْرَ دُنْيَاكُمْ». (حلية الأولياء، ج5، ص: 298).
قال الماوردي: وَقد قَالَ بعض الْحُكَمَاء ظلم الْعمَّال ظلمَة الْأَعْمَال. (درر السلوك في سياسة الملوك، ص:101)
قال ابن القيم: وَتَأمل حكمته تَعَالَى فِي ان جعل مُلُوك الْعباد وأمراءهم وولاتهم من جنس اعمالهم بل كَأَن أَعْمَالهم ظَهرت فِي صور ولاتهم وملوكهم فَإِن استقاموا استقامت مُلُوكهمْ وَإِن عدلوا عدلت عَلَيْهِم وَإِن جاروا جارت مُلُوكهمْ وولاتهم وَإِن ظهر فيهم الْمَكْر والخديعة فولاتهم كَذَلِك وَإِن منعُوا حُقُوق الله لديهم وبخلوا بهَا منعت مُلُوكهمْ وولاتهم مَا لَهُم عِنْدهم من الْحق ونحلوا بهَا عَلَيْهِم وَإِن اخذوا مِمَّن يستضعفونه مَالا يستحقونه فِي معاملتهم اخذت مِنْهُم الْمُلُوك مَالا يستحقونه وَضربت عَلَيْهِم المكوس والوظائف وَكلما يستخرجونه من الضَّعِيف يَسْتَخْرِجهُ الْمُلُوك مِنْهُم بِالْقُوَّةِ فعمالهم ظَهرت فِي صور اعمالهم وَلَيْسَ فِي الْحِكْمَة الالهية ان يُولى على الاشرار الْفجار الا من يكون من جنسهم وَلما كَانَ الصَّدْر الاول خِيَار الْقُرُون وابرها كَانَت ولاتهم كَذَلِك فَلَمَّا شابوا شابت لَهُم الْوُلَاة فَحكمة الله تأبى ان يولي علينا فِي مثل هَذِه الازمان مثل مُعَاوِيَة وَعمر بن عبد العزيز فضلا عَن مثل ابي بكر وَعمر بل ولاتنا على قَدرنَا وولاة من قبلنَا على قدرهم وكل من الامرين مُوجب الْحِكْمَة ومقتضاها. (مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، ج1، ص: 254).
قال السخاوي: عند الطبراني معناه من طريق عمر وكعب الأحبار والحسن فإنه سمع رجلا يدعو على الحجاج فقال له: لا تفعل إنكم من أنفسكم أتيتم، إنا نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن يستولي عليكم القردة والخنازير، فقد روي أن أعمالكم عمالكم، وكما تكونون يولى عليكم، وأنشد بعضهم: بذنوبنا دامت بليتنا، واللَّه يكشفها إذا تبنا، وفي المأثور من الدعوات: اللَّهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا. (المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، ص:520).
فلذا قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (الروم، الآية: 41).
وقال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ. (الشورى، الآية:30).
التحول والتغيير ينبغي أن يبدأ من أنفسنا، كل إنسان يراجع نفسه ويفتش لعل ذنباً يفعله أو معصية يرتكبها، أو إسرافاً أو تجاوزاً للحد، هو السبب في كل المصائب التي تعم المسلمين.
قال محمد أحمد إسماعيل: يقول الشاعر: بذنوبنا دامت بليتنا والله يكشفها إذا تبنا فكل المصائب التي تحل بالمسلمين في كل زمان، اعتاد الناس على أن ينظروا فيها إلى ظلم الحكام، ولا يلتفت كثير من الناس إلى حقيقة تسليط هؤلاء الظالمين على المسلمين في كل زمان ومكان إنما هو بسبب ذنوبهم،
الختام: فالعمال يكون حسب أعمال الناس فإذا كان الناس من المتقين يكون الأمير منهم وإذا كانت أعمال الناس سيئة يكون الأمير من الجائرين فلذا يقال: عمالكم أعمالكم، أي: كيفما تكونوا يولى عليكم، فلا ينبغي أن نلتفت فقط إلى ظلم الظلمة وطغيانهم، وإنما ينبغي أن نلتفت إلى أننا سبب في ظلمهم لنا، وسر هذا الالتفات وأهمية هذا التشخيص هو أن نعرف من أين أُتينا، فنبادر إلى العلاج الصحيح.
الكاتب : الأستاذ المساعد للقسم العربي بجامعة شيتاغونغ.