الصوم في شهر رمضان خير مدرسة للمسلم
الاستاذ ابوطاهرالندوي
لا يخفي علي المؤمنين المتقين المطلعين بالاحكام الشرعية أن شهررمضان هوشهرالقرآن وشهررحمة الرحمن
وأيضا شهر رمضان المبارك يعتبر من أعظم الشهور في السنة، ويهدف الجميع فيه إلى الإكثار من العبادات للتقرّب إلى الله عز وجل، وهو يأتي بعد شهر شعبان ضمن الأشهر الهجرية، ويتمّ ترقّب حضوره بفارغ الصبر في جميع أنحاء العالم الإسلاميّ، فهو الشهر الذي أنزِل فيه القرآن الكريم و هو يتضمن أمرصيام رمضان يعني التوقّف عن تناول الطّعام والشراب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، و عن المُحرّمات، وعندما يأمر الله تعالى عبده بأمر أو بعبادة فيكون ذلك أمراً فرضاً على كلّ مسلم. وامّا مجد شهررمضان فلكونه شهرالقرآن فالشهرظرف للقرآن والقرآن هوالمظروف لشهررمضان ولا يخفي أن الشئ يكون ذاقيمة واثركبيراحيانا لأجل تأثيرالظرف واحيانا لسبب المظروف والقرآن هو كلام الله ومن المثل السائر” كلام الملوك ملوك الكلام”والقرآن له اهمية و فضيلة لاتنتهي كذلك شهررمضان سيد الشهور فله مجد واهمية لاتنحصر لتأثير القرآن الذي انزل فيه من قبل ارحم الراحمين، مثلا القرآن الكريم هوكلام الله الحكيم، فالفاظه وكلماته ومعانيه كلّ ذلك ذات قيمة واجركبيرليس له نظيرفي تاريخ الاسلام فكل حرف من كتاب الله فله اجروحسنة فمن قرأحرفا من كتاب الله بغيروضوء له عشرحسنات ومن قرأه بالوضوء له خمس وعشرون حسنة ومن قرأه في الصلاة جالسا له خمسون حسنة ومن قرأه في الصلاة قائما له مأة حسنة وعن ابن مسعود (رض) قال قال رسول الله – صلي الله علي وسلم- :من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشرامثالها لا اقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف (رواه الترمذي) وكذلك من العادات والامتحانات الالهية انه يضاعف للعباد اجراعمالهم الي سبع مأة ضعف قال – تعالي- من جاء بالحسنة فله عشرأمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي الا مثلها وقال – تعالي- مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مأة حبّة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم وهذا الفرق بين الاعمال الحسنة ليس الا بحسب الاخلاص والنية، فمن انفق شيئا في سبيل الله فله اجر سبع مأة ومن صام واحدا فله اجر سبع مأة صوم ومن قرأ آية من كتاب الله فله اجر سبع مأة آية ومن ختم القرآن مرة فله اجر سبع مأة مرة وهكذا لكل عمل يكون اجر من العشرة الي سبع مأة حسنة بقوة الاخلاص وضعفه فنظرا إلي هذا شهر رمضان افضل الشهور
وهكذا لشهر رمضان فوائد تتعدّد و هي بين فوائد روحانية واجتماعية وصحّية حيث فرض الله عزّ وجل فريضة صوم رمضان لأسرار وحِكم مُعيّنة مُختلفة تعود بالنّفع على الفرد والمجتمع بشكل عام. وجعل الله عز وجل في الصّيام أهدافاً حيويّةً وغايات عميقة ترتبط وتتفاعل بوجدان وسلوك الصّائم. فاقدم امام القراء بإيجاز فوائد ومزايا عظيمة لصوم شهر رمضان المبارك: [1] الجانب الروحي الوجدانيّ التقوى: يُعالج ويُقوّي الصّيام جانب التّقوى في نفوس المسلمين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) نستدل بهذه الآية الكريمة أنّ أوسع وأشمل هدف للصّيام هو تحقيق التّقوى في القلوب، وهي المُبتغى الأول من الصّيام، فالتقوى حارس للقلوب والجوارح من ارتكاب المعصية، ومُراقبة المرء لنفسه في سرّه وعلانيّته، ويظهر جليّاً دور الصّوم في تحقيق التّقوى من خلال التدرّب على الصّبر في مواجهة صعاب الحياة، ومن خلال مُراجعة النّفس وحسابها في هذه الدّورة الرمضانيّة، فيُراعي المسلم سلوكه ويستلهم رقابة الله له في كل الأوقات، وهذا أعظم مُربٍّ للنّفس.[2] الاستعلاء على الشّهوات البدنيّة والماديّة: تُحرّر فريضة الصّيام المُسلم من اتّباع غرائزه، وتُقوّي عنده الإرادة والتحكّم بها، فيسموعن غيره من باقي الكائنات الحيّة، وتتغلّب روحه على شهواته، ويعلو بعقله وروحه، وهذا أيضاً مغزىً عظيم من فريضة الصّوم. [3] تقوية صلة الإنسان بربّه: يُدرك الإنسان نعم الله عزّ وجل عند أداء فريضة الصّوم، ويستشعر أهميتها وقيمتها، فيُدرك قيمة الشّبع وقيمة مطالب الجسد، فيستشعر المسلم نِعَم الله عزّ وجلّ عليه، كما اقتضت الحكمة الصّيام في النّهار لا في اللّيل حتى تتضاعف المشقّة والكفاح، بالتّالي يُدرك المسلم أكثر قيمة هذه النِّعَم المُحيطة به.[4] إظهار العبوديّة الكاملة لله عزّ وجل: صوم المسلم ترجمة عمليّة صادقة للخضوع لله عزّ وجل، فيترك الصّائم جميع المحظورات المُتاحة بين يديْه، رغبةً في مرضاة الله عزّ وجل وكسب الثّواب، لهذا نسب الله عز وجل ثواب الصّوم إليْه : (كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ لَه إلَّا الصَّومَ، فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِه، ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيبُ عندَ اللَّهِ من ريحِ المسكِ).[5] الصّوم يزيد الإخلاص: إنّ نيّة الصّوم هي شرط من شروط الصّيام وأساس لقبولها، والنّية الصّادقة للصّوم هي تدريب عمليّ للإخلاص بين العبد وربّه بعيداً عن الرّياء، فمعظم العبادات قد يتسلل اليها الرّياء إذا كان لها مظاهرَ خارجيّة كالزّكاة والصّلاة، وأمّا الصّيام فلا يعلم حقيقته إلا الله، وبذلك تتحقّق التّقوى ومُراقبة الله عزّ وجلّ تقوية الجانب الخُلقيّ والنفسيّ[6] الصّوم يغرُس الأمانة في النّفس: الصّوم خير وسيلة لغرس وتنمية الأمانة، ومراقبة النّفس دون رقيب، فيتخلّى الصّائم عن شهواته وطعامه وشرابه دون وجود رقيب عليه، فيستحضر وجود الله له في كلّ الأوقات، قال الرّسول – عليه الصّلاة والسّلام- (إنَّ الصّومَ أمانةٌ فليحفظ أحدُكم أمانتَه)[7] تدريب على الصّبر: الصّبر خُلْق مُكتسب، ويُعتبر الصّيام أحد العوامل التي تُنمّي خُلق الصّبر فىٍ الصّائم، فعندما يتحمّل الصّائم الجوع والعطش ومَشاقّ الصّيام، يُصبح قادراً فيما بعد على أن تحمّل مصاعب أُخرى، ويملك أسباب التحدّي، والثّبات، والمُقاومة التي تُساعده في مواجهة الحياة بصبر وإيمان.[8] تزكية النّفس وتطهيرها: يُدرّب الصّيام النّفس على التحلية بالفضائل والأخلاق الحسنة، وترك الرّذائل والمُنكرات خشيةً على تمام صيامه، قال عليه الصّلاة والسّلام: (من لم يدَع قولَ الزُّورِ، والعملَ بِهِ، فلَيسَ للَّهِ حاجةٌ أن يدعَ طعامَهُ وشرابَهُ). فاتضح بما ذكر ان الصوم في شهر رمضان خير مدرسة من مسلم علي تربيته للتكيف الفردي والاجتماعي فلابد لنا ان نهتم بالشهر الفضيل شهر رمضان الكريم الذي ننتظره منذ شهر رجب في كل عام ليغمرنا ببركاته ورحماته ونوره الذي يملأ أفئدتنا ويجعلنا عاشقين من خلال الصيام والقيام والحرص على الاجتهاد والطاعة به لننيل برضي الرحمن الرحيم
الكاتب: استاذ الحديث ومساعد رئيس
الجامعة الاسلامية فتية، شيتاغونغ، بنغلاديش.