اعداد: عمر فاروق نثار
إن القران الكريم معجزة خالدة للرسول – عليه ازكي السلام – هو الحجة القاطعة الساطعة والبينة البالغة الزاهرة هو نورلايطفئ ومصباح لا يخمد هو الصراط المستقيم وبيان الدين القويم. نورالله المبين قرّة الأعين جلاء القلوب. هو الفرقان هو الذكرهو التنزيل هو الكتاب هوأعجزلمن يعارضه وأبهر من يقابله هو أخرس بأقصر سوره من حاول التحدّي هو كتاب الله تعالي فيه نبأ ما كان قبلنا وخبرما بعدنا وحكم ما بيننا هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغي الهدي في غيره أضله الله تعالي
إن العرب قبل طلوع شمس النبوة وإن كانوا في غاية الظلم والظلام خلقا وخلقا فردا واجتماعا عصرا ومصرا دينا وديانة لكن كان عصرهم علي شباب متدفق لغة وأدبا والأدب خلط في أحشائهم وأعصابهم وكانت مقالاتهم وخطاباتهم من الفصاحة والبلاغة بمكان تعجب الحاضرين والناظرين وتدهش السامعين حتي أنهم أحرزوا قصبات السبق في مضمار الفصاحة والبلاغة وفي ميدان الإتقان والإجادة وكانوا يعقدون مسابقات أدبية ونظمية في مختلف المواسم ويساهمون فيها بكل اعتزاز وافتخار ويقدمون فيها قصائد ومقالات طويلة بداهة وارتجالا .
ومن عادات الله – جلَ وعلا- أنه يبعث الرسل والأنبياء بما فيه إعجاب للمعاصرين وإعجاز للمواطنين. وكان العرب يفتخرون ويعتزون بفصاحة لغتهم وبلاغة آدابهم وحلاوة كلامهم وطلاوة أدائهم فلذا بعث الله نبيه بالقرآن الذي أخرس كل لسان وفاق كل بيان وبه تحدّي النبي- صلي الله عليه وسلم- المباهين بالأدب واللغة علي أن يأتوا بأدني سور من مثله ويدعوشهداءكم من دون الله لم يفعلوا ولن يفعلوا وكيف يستطيعون ذلك! حيث قال الله الصمد بهذا الصدد ” قل لئن اجتمعت الانس والجنّ علي أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا “1 وقد قال نبي الرحمن صاحب القرآن ” أنا أفصح العرب بيد أنّي من قريش “2. و من الحقائق الناصعة أن الله سبحانه وتعالي أيّد نبينا عليه السلام بمعجزات كثيرة وآيات باهرة لاتحصي بعدّ ولاتعدّ بجدّ وبها دارت رحي الدين المتين فأزهر المعجزات وأبهرها هو القرآن الكريم هو معجزة خالدة للرسول – صلي الله عليه وسلم- والذي تغلب في الفضيلة والنورعلي المعجزات كلها لأنَ سائر المعجزات للأنبياء السابقين انقرضت بانقضاء أوقاتها فلم تبق إلا خبرها لكنَ القرآن الكريم يبقي إلي يوم القيام بكلَ جمال ورونق وكلَ لمعان وبريق صاعدا أعلي مراتبها حيث قال الله تعالي “إنَا نحن نزّلنا الذكر وإنَّا له لحافظون”3 .وإنه يعجز لمن يحاول الإتيان بمثله كما جاء في التنزيل العزيز” وإن كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين”4. ومن الحقائق الجليلة أن بعثة النبي – عليه السلام- ونزول القرآن الكريم أثر في اللغة وآدابه تأثيرا مرموقا واسعا كما اعترف الأدباء بتزيين آدابهم بكتاب الله الكريم . ولم تحتل اللغة مكانة عالية إلا بالقرآن .وتوفر اللغة وأدبها مالم يتوفر بالأدباء والخطباء . ومن شأن كل معجزة من المعجزات أن يتحدي النبي قومه بأن يعارضوا فيعجزوا عنها ويسقط في أيديهم ويستعلن عجزهم علي الملأ.
أيَها القاري! إنَ القرآن الكريم معجزة كبري للنبي – صلي الله عليه وسلم – رمي محمد^ سهام التحدي الي الناس ودهش به الكفار كيف ارتقي أعلي مراتب الفصاحة و البلاغة في اللغة وادابها رغم أنه كان أمَيا لم يتعلم الأدب من الأدباء ولا الشعر من الشعراء وقد ملك بالقرآن يدا حاذقة قوية في اللغة وآدابها لم يملك عليها احد من الادباء وهو محتوعلي خصوصيات تدلَ علي أنه يبقي إلي الأبد معجزا لمن يقابله من المعارضين وخصوصياته كثيرة لا تعد بعدَ رتبت علي أربعة عناوين مع أنَ إعدادها خارجة عن الطاقة البشرية وهذه الأربعة كما يلي: الأول: إعجاز القرآن الكريم في الألفاظ. الثاني : إعجاوه في التراكيب. الثالث:إعجازه في الأساليب .الرابع:إعجازه في النظم.
إعجازه في الألفاظ : لايدعي أحد من الأدباء الحاذقين ولا الشعراء الفائقين علي أن كلامه مملوء بالفصاحة والبلاغة خال عن الألفاظ الغير الفصيحة لأن كثيرا ما يضطرون باستعمال الألفاظ الغير الفصيحة لكن القرآن الكريم من البداية إلي النهاية ليس فيه ايَ لفظ غير فصيح أنه تعالي لم يزينه إلاَ بألفاظ طافحة هذه حجة قاطعة علي أنه معجزة سرمدية للرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم وعلي أنه ليس من كلام البشر. الثاني : إعجازه في التراكيب:- لتركيب جمله مكانة عالية راقية في الحسن والبراعة وفيها حلاوة وسلاسة لم يملَ بتكرار التلاوة جئت بنبذة منها. كان قصاص المقتول من القاتل جديرا بالثناء عند العرب في العصر الجاهلي وهم يعبرونه بألوان من التعبيرات منها “القتل إحياء للجميع” القتل أنفي للقتل”أكثروا القتل ليقل القتل” إنَ هذه الجمل كانت مشحونة بالفصاحة والبلاغة عند ظنهم ولكن القرآن الحكيم اختار لتعبيره جملة تتطايرمنها الفصاحة وتتدفق منها البلاغة كالشلال كما جاء في التنزيل العزيز “ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب “5. أعجبهم بالغ الإعجاب هذه الجملة القليل ألفاظها الغزيرمدلولها
إعجازه في الأساليب:-
غير خاف علي أحد أنَ المظاهرة المتلألئة لإعجاز القرآن ظهرت في أسلوبه التي تدهش الألباب وتبهر الأرباب لأن القرآن مشتمل علي نثر حامل للطافة والحلاوة التي لم يحمل الأشعار أيضا.
ومن الثابت أنَ البلغاء حصروا الأساليب في ثلاثة أنواع 1 . الخطابي2 . الأدبي3 . العلمي ومواقع كل منها متفاوتة ومختلفة ولا شكَ أن الطاقة البشرية لاتقتدر علي الإتيان بجميع أساليبها في عبارة واحدة لكنَ القرآن الكريم جمع الأساليب بـأسرها في عبارة واحدة
إعجازه في النظم :- من معجزاته إعجازه في الربط والتعلق نحن إذا نلقي الأنظار علي الأيات القرآنية سطحا يتولد الشعور بأن الآيات القرآنية غير مرتبة ولكن الحقيقة تنجلي إذا نمعن أنظارنا فنجد رابطة لطيفة عميقة بين آي القرآن وسوره حيث جاء في التنزيل العزيز “أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غيرالله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ” 6
إعجازه في كثرة الترديد لا يملَ :- ملازمة تلاوته تزيد التالي حلاوة وكثرة ترديده حلاوة وفرحا وبهجة و قبولا لا يزال غصنا طريَا لايتغير بهجته ونضارته فكأنه قرب عهده بالنزول وغيره من الكلام ولو بلغ في الحسن والبلاغة ما بلغ يملَ مع الترديد وما اجاد وأفاد الشاعر” كثرة الرد به لم يبل وبتكرار التلاوة يملَ.
إعجازه في الإخبار عن المغيبات:- لقد احتوي القرآن علي كثير من الأخبار عن المغيبات منها ما كانت وقعت كما أخبر القرآن حيث نشاهد القرآن “الم غلبت الروم … “7 فإن القرآن أخبر إن الروم تغلب فارس في بضع سنين وسيقع مما لا يعلمه إلا الله
إعجازه في كشف الأسرار:- إن القرآن كشف أسرار المنافقين مما كانوا يخفون في صدورهم وقد أشار إليه القرآن الحكيم “ألا إنهم يثنون صدورهم ليسفخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم ” 8 وكذا “إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون”9
من أوضح البيانات وأزهرها أن القرآن الكريم معجزة الرسول الكبري وآية من الأيات التي أعطيها محمد صلي الله عليه وسلم كبرهان علي نبوَته وقد قرر الله هذه الحقيقة في كتابه الكريم في معرض رده علي المشركين وأثبت الله جلَ جلاله نبوة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وقطع دابر التشكك في رسالته حيث قال الله سبحانه وتعالي ” وقالوا لو لا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلي عليهم إن في ذلك لرحمة وذكري لقوم يؤمنون” 10 فقمعت هذه الآية تعلل المشركين عن الإيمان ونصرت رسول الله صلي الله عليه وسلم بإعلان الحجة عليهم ليفحمهم بأن الإتيان بالمعجزات ليس من شأن النبي ﷺ فالله ينزلها حينما يشاء لا دخل لأحد في ذلك ألبتة .ألم تكفهم تلك الآيات التي تغني عن سائر المعجزات؟ ألاوهي القرآن المجيد وقد أدام الله تلاوته وأقامه معجزة كبري ثابتة لاتزول ولاتضعف لاريب أن هذا الكتاب العظيم الشان الخالد علي مر الدهور نعمة عظيمة فعلينا أن نتخذ القرآن مصادرأصلية للغات والأداب ونطالعه بتدبر وتفكر فنملك يدا حاذقة قوية في اللغات والآداب ونقتدر بذالك علي أداء الوراثة النبوية في حقل الدعوة والإرشاد.
1.الإسراء 88 2.أخرجه الطبراني في الكبير الرقم : 5437 3. الحجر: 9
4.البقرة: 245. البقرة
- المنافقون :1
- العنكبوت : 50
11.المعجزة الخالدة لحسن ضياء عتر
- الهود: 57. الروم: 1
- النساء : 82
الكاتب: الاستاذ الاعلي بالمدرسة العزيزية قاسم العلوم
كودالا رنغونيا شيتاغونغ