الحافظ محمد جعفرالصادق
ولايخفى على من له المام بتاريخ الاسلام والمسلمين ان الاسلام تقدم منذ بزوغ شمسه تقدما حثيثا بجهود متواصلة قام بها زمرة الشباب المسلم كان رأسهم على بن ابى طالب – رض- الخليفة الرابع للاسلام – وهو اول من اعتنق الاسلام من الشباب فيعتمد صلاح المجتمع على صلاح الشباب المسلم (كما كان) ومن اهم المشاكل في كل مجتمع مشكلة الشباب في هذا العصر فان الشباب يرد علي قلوبهم من المشاكل الفكرية والنفسية ما يجعلهم احيانا في قلق من الحياة محاولين جهدهم للتخلص من ذلك القلق وكشف تلك الغمة ولن يتحقق ذلك لهم الا بالدين والاخلاق اللذين بهما قوام المجتمع وصلاح الدنيا والاخرة و بهما تحل الخيرات والبركات وتزول الشرور والافات – وان البلاد لاتعمر الا بسكانيها والدين لايقوم الاباهله ومتى قاموا به نصرهم الله مهما كان اعدائهم قال الله تعالى – ياايهاالذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم واضل اعمالهم واما الشباب فتعمر البلاد بجهودهم واخلاص اعمالهم وحسن اخلاقه اكثر فاكثر حيث أنهم أهم ساكني البلاد.
ومن الاجدر بنا ان ننطلق من البداية فنتأمل فى شبابنا وماهم عليه من افكارواعمال كي نعترف منها ما كان صالحا ونصلح منها ما كان فاسدا لان الشباب اليوم هم رجال الغد وهم الاصل الذى يبتنى عليه مستقبل الامة ولذلك جاءت النصوص الشرعية بالحث على حسن رعايتهم وتوجيههم الى ما فيه الخير والصلاح فاذا صلح الشباب وهم اصل الامة فسيكون للامة مستقبل زاهر ولشيوخها خلفاء صالحون -ان شاءالله تعالي-
اذانظرنا نظرة فاحصة فى الشباب امكننا ان نقسم الشباب الى ثلاثة اقسام : شباب مستقيم، شباب منحرف وشباب متحير
اماالشباب المستقيم فهو شباب مؤمن بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى وهو مؤمن كامل مخلص جامع بين الصفات الايمانية كلها التى اتصف بها السلف الصالحون فيؤدي الفرائض والواجبات مع الاهتمام بسنن النبى- عليه السلام – ويحافظ على دينه واخلاقه وسلوكه فهو كذلك بعيد كل البعد عما يناقض ذلك من الكفر والا لحاد والفسوق والعصيان و الاخلاق السافلة والمعاملة السيئة فهذا القسم من الشباب مفخرة الامة ورمزحياتها وسعادتها ودينها وهو الشباب الذى نرجو من فضله ان يصلح به ما فسد من احوال المسلمين وينير الطريق للسالكين وهو الشباب الذى ينال سعادة الدنيا والاخرة
اماالقسم الثانى من الشباب فشباب منحرف فى عقيدته،متهورفى سلوكه، مغرور بنفسه
منغمر فى رذائله لايقبل الحق من غيره ولايمتنع عن باطل فى نفسه متكبر فى تصرفه شباب فوضوى فاقد الاتزان فى تفكيره وفى سلوكه وفى جميع تصرفاته شباب معجب برائه كانما يجرى الحق على لسانه فهوعند نفسه معصوم من الزلل
اما عند غيره فهو معرض للخطاء والزلل مادام مخالفا لما يراه فمثل هذا الشباب مبتعد عن الصراط المستقيم في دينه وعن التقاليد الاجتماعية فى سلوكه ولكنه قد زين له سوء اعماله فراه حسنا فهو من الاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.
والقسم الثالث من الشباب شباب حا ئر متردد بين مفترق الطرق عرف الحق واطمأن به وعاش فى مجتمع محافظ الا انه انفتحت عليه ابواب الشرمن كل جانب تشكيك فى العقيدة وانحراف فى السلوك وفساد في العمل وخروج عن المعروف من التقاليد وتيارات من الباطل متنوعة.
وقف امام هذه التيارات حيران لا يدرى هل الحق فيما حدث وجد من هذه الافكار والمبادئ والمسالك اوفيما كان عليه سلفه الماضى ومجتمعه المحافظ فصار مترددا قلقا يرجح تارة هذا وذلك اخرى حسب قوة التيارات العاصفة به –
فهذا القسم من الشباب يحتاج الى جانب قوى يقوده الى حظيرة الحق وطريق الخير وما أيسر ذلك اذا هيأ الله له داعية خير ذا حكمة وعلم ونية حسنة وهذا القسم يكثر فى شباب نالوا من الثقافة الاسلامية لكنهم درسوا كثيرا من العلوم العصرية الكونية التى تعارض الدين فى الواقع اوفى ظنهم فوقفوا حيارى امام الثقافتين ويمكنهم التخلص من هذه الحيرة بالتركيزعلى الثقافة الاسلامية وتلقيها من منبعها الاصلى : الكتاب والسنة على ايدى العلماء المخلصين وما ذلك عليهم بعزيز
ضرورة لتكوين الشباب المسلم المؤهل : لايخفى على من اطلع على الاوضاع المعاصرة للامة المسلمة ان العمل لانجاح الصحوة الاسلامية المعاصرة يستلزم بالضرورة تكوين شباب مسلم قادرعلى الانطلاق بالصحوة الى افاق جديدة ومن ثم تبرز الحاجة الملحة الى مناهج تربوية التى تنشأ عليها الاجيال المسلمة نشأة صالحة وتتحقق بها الغاية فى ايجاد القدوة السالمة والاسوة الحسنة التى تأخذ بايدى الناس الى الحق والخير والعدل والفضيلة فهل تفى مناهج التعليم الحاضرة فى بلاد المسلمين بهذه الغاية ؟ وكيف السبل لبناء برامج تربوية توفرللشباب المسلم قادة المستقبل الذين يدينون بالولاء المنشود للدين الحنيف والانتماء القوى للامة الاسلامية فتلى اراء قيمة للشخصيات الاسلامية اجابة عن هذا السؤال المهم
يؤكد معالى الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركى المدير لجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض ضرورة حماية الشباب المسلم بالتربية الاسلامية الصحيحة يقول : ينبغى تأصيل الافكار الاسلامية لدى الشباب المسلم وكذلك تحديد الاسس الصحيحة التى يربى عليها حتى تكون تصور ا ته منذ نشأ ته الاولى ومنذ بدئه حياته العملية والعلمية تصورات سوية
ويحذّر الدكتور عبدالله التركى من ترك الشباب ليتزود عشوائيا مما كتبه بعض الكتاب الذين هم جاهلون بقيم الدين والمعلومات الاسلامية ويقول : ان المسؤلية فى هذا المجال مسؤولية المؤسسات التربية وفى مقدمتها الجامعات الاسلامية اذعليها ان تقدم الزاد الفكرى الثقافى الذى يحصن هؤلاء الشباب ويزودهم بتصورات صحيحة عن الدين الحنيف وعن كل ما يناسب ما يقوم به المسلم فى مواجهة التيارات المعادية للاسلام ويلفت معالى الدكتورعبد الله التركى الانظارالى ضرورة بذل المزيد من العناية بالكتاب الاسلامى حيث انه احد الطرق الميسورة لتقديم الفكر الاسلامى الرشيد للشباب المسلم
ومثل الكتاب الاسلامى البرامج الاعلامية الاسلامية ذلك ان لها
مهمتها الاساسية فى هذا المجال مجال العناية بتربية الشباب فقد لايتمكن كل الشباب المسلم من الدراسة فى المدارس اوالجامعات وقد لاتتاح امامه الفرصة ليتربى فى المدارس الاسلامية فلذا يجب ان يوفر له ما يعرفه بحقيقة دينه الحنيف وما يحصنه فى مواجهة التيارات الالحادية
ويرى الدكتور حسين حامد حسان – رئيس الجامعة الاسلامية فى با كستان – ان الامة الاسلامية فى اشد الحاجة فى هذا الوقت من اى وقت مضى الى جيل يقودها الى استعادة ما فقدته من عزومجد فى ظل التطبيق الكامل الصحيح للاسلام وقال : ان الاسلام نظام شامل وكامل وقد جرب وصح كما يقول الاطباء العرب وبفضل ايمان المسلمين بهذا الدين واتباعهم لتعاليمه وتطبيقهم لنظامه فى كل مجالات الحياة عزوا وسادوا وكانوا ائمة البشرية واساتذة العالم وقد استطاع المسلمون ان ينشروا العدل والحرية والمساواة فى ربوع العالم .
وقداضاف الدكتور حسين حامد حسان ان الشباب هم امل الامة ولذا يجب ان توجه كل الجهود الى الشباب فى صحوته وان ترشد هذه الصحوة وان يعمق الايمان بالقيم الاسلامية فى نفوس الشباب وان يوجهوا الى المنهج الصحيح فى دعوة الناس الى الله وفى ان يكون قدوة حسنة واسوة طيبة بان يفهموا حقيقة ان العبادة فى الاسلام تعنى فوق الشعائر المعروفة كالصلاة والصيام – وان يقوموا بواجبهم فى عمارة هذه الدنيا وتحقيق التقدم على هذه الارض حتى تكون الامة الاسلامية هى القائدة والرائدة فى الدنيا
ان الشباب هم عدة المستقبل والمصنع الذى يخرج منه الرجال هى الجامعات ولقد كا نت المساجد فى عصور الاسلام الاولى تقوم بهذا الدوررمزا الى وحدة العبادة فى الاسلام واماالان فقل ذلك الطريق فالجامعات الاسلامية عليها واجب كبير تجاه تكوين القيادات الواعية الفاهمة المؤهلة علميا وعمليا على استنباط الحلول الاسلامية الرشيدة لكل ما تواجهه الامة من قضايا ومشكلات ونحن فى الحقيقة فى حاجة الى مناهج تعنى بأمرين هامين : الاول:غرس الايمان فى نفوس الشباب وتزويده بالقيم والمفاهيم الاسلامية الصحيحة وتعريفه بدوره ورسالته فى الحياة باعتباره ينتمى الى امة مسلمة لها دور بارز فى هذه الدنيا وهى يهتم بمبادئ الحق والعدل وانها تدافع عن حقوق الانسان
الثانى : تقوية الشباب ضد كل فكر منحرف وافد الى بلاد المسلمين فنحن نعلم ان الفكر المنحرف يستخدم الان احدث الطرق والسبل لترويج المفاسد وما لم يزود شبابنا المسلم بقدرمن القيم والمفاهيم الصحيحة فسوف يكون فريسة لتلك الافكارالمنحرفة والمبادئ المناهضة للدين الحنيف.
ويقول الدكتور مصطفى كمال التارزى مديرعام الدعوة الاسلامية السابق فى تونس ومن المؤسف ان مناهج التعليم الحاضرة فى معظمها لاتعنى بتربية الشباب المسلم القادرعلى هداية العالم فضلاعن هداية المجتمع واعتقد ان التربية الدينية فى جهات من عالمنا الاسلامى المعاصريشوبها الكثيرمن الخلط فهى اما ان تكون تربية ميتة اوناقصة او تكون فى شكليات دون الجوهربمعنى ألا تثير فى الشباب معنى الانقياد للشريعة الاسلامية وايضا أننا نتوجه دائما الى التعليم فقط فى حين ينبغى ان نتوجه الى التعليم واشياء اخرى ذلك ان الشاب يعيش فى مناخات ثلاثة : يعيش فى البيئة وفى المدرسة وفى البيت بيئات ثلاث يناسب ان تتضافرالجهود لايجاد نوع من التنسيق بين هذه الاشياء الثلاثة لان التلميذ لوتلقن التلقين الكافى فى المدرسة ووجد المجتمع اوالبيت لاينسجم مع ما تلقنه فانه حتما سوف يعيش مشتتا.
ومن اجل هذا نحن فى حاجة ملحة الى ان نوجد انسجاما بين برامج التعليم وسلوكيات المجتمع والاسوة فالشباب المسلم أجدران يكون كشباب مستقيم مؤهل على ظل التر بية الاسلامية الصحيحة فى كل بيئة من البيئات الثلاثة المذكورة كى يكون عدة المستقبل ومفخرة الامة المسلمة
الكاتب: الاستاذ بالجامعة الاسلامية فتية شيتاغونغ بنغلاديش
المديرالمساعد لمجلة بلاغ الشرق الدورية